أثار قرار وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، إرسال مستشارين عسكريين، من بينهم جنرال في سلاح مشاة البحرية على دراية بحرب المدن، إلى إسرائيل، تساؤلات بشأن الخدمات التي سيقدمونها إلى الجيش الإسرائيلي قبل أيام من هجوم بري متوقع على قطاع غزة، والذي يستهدف بالأساس تدمير القدرات العسكرية لحركة حماس.
ويقول خبراء عسكريون ومراقبون، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن القرار يأتي في سياق محاولة واشنطن تعزيز وجودها العسكري في الشرق الأوسط بالتزامن مع تصاعد الصراع في المنطقة بالمواجهات العسكرية بين إسرائيل وحماس، إذ تستهدف توجيه "رسالة ردع عسكري" لمنع اتساع رقعة الحرب ودخول أطراف ثالثة على الخط، في حين سيكون للمستشارين العسكريين دورا في مساعدة الجيش الإسرائيلي في التخطيط للمرحلة المقبلة من العمليات في قطاع غزة، بالنظر لاكتظاظه بالسكان والتخوف من سقوط المزيد من المدنيين.
من هم المستشارون الأميركيون؟
• وفقا لمسؤول أميركي، فإن أحد الضباط الذين يقودون عمليات المساعدة هو اللفتنانت جنرال في مشاة البحرية جيمس غلين، الذي ساعد سابقا في قيادة قوات العمليات الخاصة ضد تنظيم داعش وخدم في الفلوجة بالعراق، خلال عدد من أكثر المعارك سخونة هناك.
• غلين سيقدم أيضا المشورة بشأن كيفية تخفيف الخسائر في صفوف المدنيين في حرب المدن.
• تستعد إسرائيل لعملية برية واسعة النطاق في بيئة عمل مقاتلو حماس سنوات لإعداد شبكات الأنفاق ونصب الفخاخ في جميع أنحاء المناطق الحضرية الكثيفة في شمال غزة.
• وفق جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، فإن غلين والضباط العسكريين الآخرين الذين يقدمون المشورة لإسرائيل "لديهم خبرة مناسبة لأنواع العمليات التي تجريها تل أبيب".
• يعد الفريق العسكري واحدا من العديد من القطع سريعة الحركة التي يعمل البنتاغون على تشكيلها لمحاولة منع الصراع المحتدم بالفعل بين إسرائيل وحماس من أن يتحول لحرب أوسع نطاقا، كما أنها تحاول حماية الأفراد الأميركيين، الذين تعرضوا في الأيام القليلة الماضية لهجمات متكررة قال البنتاغون إنها من المحتمل أن تكون مدعومة من إيران.
• بالتزامن مع القرار، كشف البيت الأبيض عن حديث الرئيس جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لإطلاعه على "الدعم الأميركي لإسرائيل والجهود الجارية للردع الإقليمي، بما في ذلك عمليات نشر قوات عسكرية أميركية جديدة".
• الولايات المتحدة نصحت أيضا المسؤولين الإسرائيليين بالتفكير في تأخير أي هجوم بري، قائلة إن ذلك سيعطي مزيدا من الوقت للسماح للولايات المتحدة بالعمل مع شركائها الإقليميين لإطلاق سراح المزيد من الرهائن.
• أوفد البنتاغون مستشارين أميركيين لمساعدة إسرائيل في تسريع رفع كفاءة منظوماتها للدفاع الجوي استباقا للعملية البرية الإسرائيلية.
• كان البنتاغون قد أرسل شحنات من صواريخ الباتريوت وكتائب للدفاع الجوي للتصدي للهجمات الجوية بإشراف كامل من القيادة العسكرية الوسطى للجيش الأميركي.
• قال مسؤولون أميركيون لرويترز، إن الجيش الأميركي يتخذ خطوات جديدة لحماية قواته في الشرق الأوسط مع تصاعد المخاوف بشأن حرب إقليمية في المنطقة، وكذلك للتصدي لهجمات الجماعات المدعومة من إيران.
• أوضح الجنرال مايكل إريك كوريلا المشرف على القوات الأميركية في الشرق الأوسط، أن الخطوات التي اتخذت بالفعل لزيادة تدابير حماية القوات، فضلا عن نشر أصول عسكرية أميركية إضافية في المنطقة في الأيام الأخيرة "حالت دون وقوع إصابات أكثر خطورة لقواتنا في مسرح العمليات".
الرهائن أولا
أوضح الباحث الأميركي المتخصص في شؤون الأمن القومي سكوت مورغان، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هناك أسباب تقف وراء الإعلان عن إرسال مستشارين عسكريين إلى إسرائيل، على رأسها أن بعضهم يتخصص في تحرير وإنقاذ الرهائن، معتبرا أن هذه هي "الاحتياجات الحرجة في الوقت الحالي".
وأشار مورغان إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب تخطيطا على الأرض حال إقدام الجيش الإسرائيلي على تنفيذ عمليته البرية، في حين أرسل البنتاغون أسلحة دفاعية لزيادة تأمين إسرائيل ومساعدتها في وقف اتساع رقعة الصراع.
بدوره، لفت الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد سمير راغب، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن هناك تطورا ملحوظا في الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل خلال الأيام الأخيرة، ففي بداية الصراع أشارت إلى عدم المشاركة في عمليات قتالية، ثم جرى التأكيد على أن الحشد البحري ليس له علاقة بوجود قوات على الأرض، قبل أن يجري الإعلان لاحقا عن وجود قوات تشارك في التخطيط لعمليات تحرير رهائن.
وأوضح راغب أن الولايات المتحدة وضعت 2000 جندي في حالة تأهب تحسبا لتفاقم الصراع، كما يجري تجهيز قوات من "المارينز" ربما تقوم بعمليات خاصة في ساحل غزة، أو تؤمن الساحل القريب من المستوطنات من شمالي بيت لاهيا حتى عسقلان، لأن تلك المنطقة تحقق فيها حماس اختراقات وعمليات خاصة.
الهيمنة الجوية
الباحث المتخصص في السياسات الدفاعية، محمد حسن، قال في تصريحات خاصة لـ"سكاي نيوز عربية"، إنه بالنظر إلى الاستجابة الأميركية لتطورات الأحداث في الشرق الأوسط، يتضح أن واشنطن تعتمد مبدأ الحفاظ على الهيمنة الجوية في تحركاتها العسكرية، ويتحقق ذلك بضمان تشغيل أسراب من المقاتلات متعددة المهام مثل "إف 15" و"إف 16" و"إف 22"، بالإضافة إلى تشغيل طلعات لطائرات الاستطلاع والاستخبار الإلكتروني التي تزود مشغلي المقاتلات والمهمات العسكرية في نطاق المنطقة الوسطى، بما تحتاجه من معلومات عن أرض المعركة.
وبيّن حسن أنه مع قدوم جزء كبير من البحرية الأميركية لشرق المتوسط في سياق تطورات الأوضاع في قطاع غزة واحتمالات تفاقم الصراع لمستوى الحرب الإقليمية، تحتم على الولايات المتحدة توفير مظلة حماية للمجموعات القتالية لحاملتي الطائرات آيزنهاور وجيرالد فورد، فضلا عن توفير وسائط الدفاع الجوي للحماية من موجات الإغراق الصاروخي التي اشتهرت بها صراعات الشرق الأوسط خلال العقدين الماضيين.
وأكد حسن أن إرسال البنتاغون لمنظومة "ثاد" للدفاع الجوي لمنطقة الشرق الأوسط يأتي في سياق توفير الدفاع الجوي للقوات الأميركية المنخرطة استطلاعيا وتحشيدا في المنطقة، مضيفا: "من الملاحظ أن واشنطن أعلنت انها سترسل منظومة ثاد مع منظومة باتريوت، ما يدل على أن واشنطن تريد تفعيل الدفاع الجوي متعدد الطبقات ضد مختلف التهديدات، لكن ذلك يتوقف على حجم الانخراط الأميركي فيما لو انتقل الصراع لمستوى المواجهة الإقليمية".