جاءت عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر، لتضع حكومة بنيامين نتنياهو ومستقبله السياسي على الحافة، وذلك بينما تعاني الحكومة بالأساس من أزمة ثقة وانقسامات تهدد بانهيارها.
تحديات حكومة الحرب
وأقر الكنيست الإسرائيلي، قبل أيام تشكيل "حكومة طوارئ" لإدارة الحرب، بعد اتفاق نتنياهو مع معارضين له، أبرزهم يائير لابيد زعيم المعارضة، في محاولة أخيرة لرأب الصدع.
ومن شأن تفاقم الأزمة السياسية التي تفجرت بوجه نتنياهو فجأة، حسب مراقبيين وخبراء، أن تؤدي إلى السيناريو الأسوأ، وهو انهيار حكومة الحرب ذاتها في أى وقت، لاسيما مع وجود نتنياهو نفسه على رأسها رغم ما يواجهه من اتهامات بالفشل استخباراتيا وعسكريا وماليا.
وفي الوقت نفسه، يلاحق "نتنياهو" وحكومة الحرب المصغرة شبح المحاكمة ومساءلة أعضاءها عن قراراتهم بعد انتهاء الحرب، على غرار لجنة أجرانيت التي تشكلت لمساءلة قادة إسرائيل بعد حرب أكتوبر 1973.
مصير محسوم بالفشل
وفي حديث لموقع «سكاي نيوز عربية» يقول محمد عبود، أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة عين شمس، والخبير في الشؤون الاسرائيلية، إن مصير نتنياهو محسوم بالفشل، وسيقضى الفترة القادمة كالبطة العرجاء، لا يستطيع اتخاذ قرار سياسي أو عسكري، والإسرائيليون يشبهونه حاليا بغولدامير رئيسة الوزراء التي استقالت عام 1974 بعد مظاهرات غاضبة ضدها.
ويوضح عبود أن استطلاعات الرأي داخل إسرائيل تنبئ بأ 75 % من الإسرائيليين يحملون نتنياهو مسؤولية الفشل، وهذا مؤشر كبير لتراجع شعبيته، مقابل تتنامى شعبية رئيس الأركان الأسبق الذى يستعد لتولى المسؤولية بدلا من رئيس الوزراء الحالي.
شعبية نتنياهو تآكلت بشكل كبير في الجيش والشارع، هذا ما يؤكده الخبير المصري، لكن فكرة إقالته أثناء الصراع غير مفضلة في الواقع الاسرائيلي، وسيتم إبعاده عن المستوى المسؤول عن إدارة الأزمة بالكامل.
قرار الاجتياح البري
يكشف عبود أن خلافات حكومة نتنياهو وصلت إلى أن بعض وسائل الاعلام وصفته بـ "الجبان" كونه لا يستطيع اتخاذ قرار مهم كالاجتياح البري لغزة، والخلاف بين قادة الجيش الراغبين في تنفيذ العملية ورئيس الوزراء الذي يؤجلها استجابة للمطالب الأميركية، ربما يكون أحد أسباب عزله، أو دفعه لتقديم استقالته.
وعن سبب تأجيل العملية البرية، يقول خبير الشئون الاسرائيلية إن وزراء حاليون يشبهون الدعم الأميركي بـ "عناق الدُب"، دُب سخى يدعم الجيش الاسرائيلي بشدة، لكنه يريد التحكم في كل ما يتعلق بالاجتياح البري، توقيته وحجم قواته ومدته وموعد انتهائه وتداعياته.
ووفق عبود، فإنه لا يتوقع سقوط نتنياهو أثناء المواجهات الحالية، لكن سيظل بلا صلاحيات، على أن يدير المواجهات المستوى العسكري التقني في الحكومة وبعض الوزراء المنضمين لها حديثا مثل بيني غانتس.
5 أسباب لسقوط نتنياهو
خمسة أسباب لسقوط نتنياهو وابتعاده عن المشهد السياسي وتقديمه للمحاكمة، يحددها الخبير المصري في الشؤون الاسرائيلية كالتالي:
- زيادة وتيرة التظاهرات الإسرائيلية الغاضبة، وتحميله مسؤولية الفشل فى التعامل استخباريا وعسكريا، وعدم قدرته على حل أزمة رهائن إسرائيل لدى حماس.
- تباطؤ نتنياهو فى تنفيذ الاجتياح البرى وتصديه لرغبة الجيش الاسرائيلي في تنفيذه بشكل عاجل، حتى لا يضيف فشلا إلى سجله، وعدم خسارة دعم الولايات المتحدة الراغبة في التأجيل لحين إرسال قوات إضافية للشرق الأوسط تحسبا لتوسع الصراع.
- خلافات شديدة داخل المجلس الأمني المصغر بين نتنياهو وقادة الجيش التي أعدت خطط وطرق الاجتياح البري، بينما يرفض نتنياهو ويتهم قادة الجيش بالفشل العملياتي الذى أدى لهزيمة إسرائيل أمام العالم.
- أزمة ثقة كبرى بين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت الذى يقف حاليا في معسكر يضم زعماء اليمين المتطرف.
- قفز عدد من المسؤولين من المركب بخروج 5 وزراء من الحكومة الإسرائيلية، ووقوف حكومة الطوارئ في مهب الريح أمام المظاهرات الغاضبة.
ملفات حرجة
وتواجه حكومة الحرب المصغرة، عمليا، عدة ملفات حرجة في توقيت واحد، أبرزها:
- إدارة الحرب على أكثر من جبهة "غزة ولبنان وسوريا".
- الضغط المستمر من الجيش الإسرائيلي لتنفيذ اجتياح بري في غزة.
- ملف الرهائن الإسرائيليين لدى حماس ومطالب عائلاتهم الغاضبة بإعادتهم.
- أزمات خلفتها سياسيات نتانياهو اليمنية في الداخل الاسرائيلي قبل الحرب.