تبدو الاختلافات في وجهات النظر واضحة جدا بين العرب والغرب، بشأن وضع تفسيرات محددة لأبعاد الصراع في قطاع غزة، عكستها بشكل واضح كلمات الحضور السبت بقمة السلام المنعقدة بالعاصمة المصرية.
فبيمنا ركزت غالبية الكلمات من المسؤولين والقادة الغربيين على إدانة حركة حماس وتحميلها المسؤولية كاملة عن تداعيات الصراع الكارثية، اتجهت كلمات القادة العرب إلى التركيز على إدانة إبادة الفلسطينيين ورفض تهجيرهم القسري أو تصفية قضيتهم.
وبين هذا وذاك، يطرح السؤال نفسه قويا حول ما يمكن أن يتفق عليه القادة المجتمعون في القاهرة من أجل التوصل إلى حل للصراع الراهن يمكن أن يسهم في إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني.
خلافات تاريخية
ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي أن "الاختلاف الواضح في وجهات النظر هو أمر غير مستغرب وليس جديدا، لأنه يعكس قاعدة تاريخية تتعلق بالدعم الغربي لإسرائيل لحماية مصالح الدول الغربية في منطقة الشرق الأوسط".
وبحسب الدبلوماسي المصري "يشكل الانحياز السافر للموقف الإسرائيليى من جانب عدد من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة، تشجيعا على الاستمرار فى التصعيد العسكري واستمرار استهداف المدنيين والمستشفيات وهو أمر غير مقبول لأي ضمير ولأي قانون دولي".
ويقول بيومي في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "الهدف الأول من الدعم الغربي اللا محدود لإسرائيل رغم الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني، يرتبط أصلا بالمصالح الغربية في منطقة الشرق الأوسط والتي تعد تل أبيب الحارس الأول لها".
ويضيف: "يمكن تجاوز هذا الخلاف وفق بيومي في حال أن أثبت قادة الشرق الأوسط للغرب أنه يمكن حماية هذه المصالح في ضوء تفاهمات مشتركة لتقاسم المزايا، وإلا ستظل الأزمة قائمة".
ويشير بيومي كذلك إلى أن التفاهمات التي من شأنها تهدئة المنطقة يقف في وجهها الجيل الحالي الذي يحكم إسرائيل.
وحول مخرجات قمة القاهرة يقول الدبلوماسي المصري إن "الموقف سيظل منقسما ولكن ميزة القمة أن من دعا إليها توقع عدم توصل مجلس الأمن لحل لذلك كان من الضروري عقد مؤتمر للتأكيد على الموقف العربي من الدعم لفلسطين والتأكيد على الثوابت العربية فيما يتعلق بالموقف من إسرائيل وإدانة الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني".
تناقض غربي في التعامل مع الوضع الإنساني
وتفول نور عودة الباحثة والكاتبة الفلسطينية لموقع "سكاي نيوز عربية":
- إن قمة القاهرة تمثل نوعا من الضغط على المجتمع الدولي الذي يقف معصوب العينين أمام مأساة الشعب الفلسطيني خاصة لدى الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا.
- لكن يبدو المعسكر الدولي رافضا لأي إدانة لما ارتكبته إسرائيل من جرائم بحق الشعب الفلسطيني فيما سيشجعها ذلك على ارتكاب مزيد من الجرائم.
- الأولوية الآن يجب أن تكون لإنقاذ الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة، وإيصال المساعدات للملايين الذين يعانون اليوم تحت الركام بدون ماء أو دواء أو غذاء.
- هناك تناقض غربي واضح وعنصرية تجاه الفلسطينيين، فالوضع الإنساني في غزة يتجاوز كافة جرائم الحرب بينما تهتم الدول الغربية فقط بموقف إسرائيل وكيفية تقديم المساعدات لها، بينما يئن ملايين الفلسطينيين تحت ركام الموت.
تعقيدات تعيق الحل
من جهته يرى الخبير الأمني ورئيس المركز الأوروبي للدراسات من ألمانيا جاسم محمد:
- انعقاد مؤتمر السلام في القاهرة هو بمثابة إنجاز تاريخي نظرا لسرعة التحضير والاستجابة الدولية الكبيرة له.
- ويقول إن ثمة العديد من الاختلافات بين وجهة نظر الاتحاد الأوروبي وأوروبا بشكل عام من جهة والعرب من جهة أخرى فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
- أهمها أن الثوابت الأساسية لدى دول أوروبا تؤكد بأن وجود دولة إسرائيل يعد ضامنة مهمة للأمن القومي الأوروبي، وهو ما يختلف تماما مع رؤية الشرق الأوسط والدول العربية.
- دول أوروبا تعتقد بأن إسرائيل من حقها الدفاع عن نفسها وربما لا تهتم بأعداد الضحايا من الجانب الفلسطيني.
- في المقابل ترى الدول العربية أن ما تقوم به إسرائيل خاصة استهداف المدنيين تتعارض مع المواثيق الدولية كما تتعارض أيضا مع قواعد الحرب.
- كذلك تنظر الدول الأوروبية لحماس باعتبارها ممثل للشعب الفلسطيني وأن عليهم تحمل مسؤولية هجمات حماس فيما يمكن وصفه بسياسات العقاب الجماعي.
- اجتماع القمة هو ضروري جدا لكن القضية الفلسطينية قضية معقدة، ومن المستبعد أن تكون هناك اتفاقات جذرية خاصة أن الحكومة الإسرائيلية هي يمنية متطرفة تميل للتصعيد وتتعمد انتهاك كافة القوانين.