أثار تصاعد التطورات العسكرية في قطاع غزة، مخاوف جمّة من اتساع رقعة الصراع في منطقة الشرق الأوسط، ودخول أطراف أخرى على خط المواجهات، ما يُنذر بـ"شتاء ساخن" في الإقليم الذي عانى لعقود من ويلات الصراعات.
ويعتقد محللون تحدثوا لسكاي نيوز عربية، أن استمرار الوضع القائم بين إسرائيل وحماس، واعتزام الجيش الإسرائيلي الاجتياح البري لقطاع غزة "يهدد بتفجير الأوضاع، واحتمالية دخول أطراف أخرى إلى دائرة العنف".
ماذا يجري؟
* عقب الهجوم المباغت لحماس، وجهت الولايات المتحدة رسالة ردع واضحة لمنع تمدد الصراع في جبهات أخرى بدخول حركات وتيارات جديدة على الخط، في حين كان الدعم الأميركي لإسرائيل واضحا من اللحظة الأولى على كافة المسارات السياسية والعسكرية.
* عسكريا، عرضت الإدارة الأميركية دعمها الكامل لإسرائيل، كما قررت مساعدة تل أبيب على رفع قدراتها العسكرية في أعقاب الهجوم، حيث حولت مسار حاملة الطائرات "جيرالد آر فورد" للإبحار باتجاه إسرائيل بطاقمها المكون من حوالي 5 آلاف فرد، كجزء من إجراءات الردع، فضلًا عن وضع 2000 جندي في "حالة تأهب".
* في المقابل، أثارت واقعة قصف مستشفى المعمداني انتقادات إيران التي قالت على لسان وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان، لإسرائيل أن "الوقت انتهى".
* أعلنت جماعة حزب الله، إطلاقها صواريخ على مواقع إسرائيلية، وذلك للمرة الأولى منذ بدء أحداث طوفان الأقصى.
* قال مركز الأهرام للدراسات السياسية، إن واشنطن تحاول قدر ما تستطيع عبر التلويح باستخدام القوة "تجنب المغامرة بالانخراط في مواجهة عسكرية جديدة، خاصة إذا كانت هذه المواجهة في منطقة الشرق الأوسط".
* أوضح معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أن اللحظة الراهنة تُمثل نقطة انعطاف في الشرق الأوسط، ويتطلب نطاقها المماثل لهجمات 11 سبتمبر، إعادة التفكير في النموذج الأساسي الذي يحدد سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ونهجها في التعامل مع مجتمعات المنطقة وصراعاتها.
* أشار إلى أن المساعي الراهنة تستلزم جهداً عسكرياً كبيراً وموسعاً، في إطار التهديد بنشوب صراع أوسع نطاقاً، بما في ذلك المعارك في الساحة الفلسطينية، وربما في لبنان أيضًا، وسيكون لشركاء الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة دور حيوي أيضاً.
* هذه ليست مجرد مرحلة أخرى من الصراع بين إسرائيل وحماس، فالاختلاف كبير لأن إسرائيل ستسعى إلى "قطع رأس" القيادة العسكرية للحركة، وتدمير ما تبقى من قدراتها العسكرية، كما ستحاول إعادة ثقة الجمهور في الحكومة الإسرائيلية وجيشها، واستبدال التصورات الإقليمية عن ضعف إسرائيل وهشاشتها بصور القوة الإسرائيلية التي لا تقهر، وفق معهد واشنطن.
محاولات السيطرة
ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي محمود محيي الدين، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الموقف الراهن على وشك التحول إلى صراع إقليمي، متجاوزا بذلك فكرة الحرب بين إسرائيل وحماس كطرفين، خاصة مع الدعم الأميركي للجيش الإسرائيلي، وكذلك مساندة إيران للمقاومة على الجانب الآخر.
وشرح "محيي الدين" تطور الموقف الراهن وتداعياته على مسرح عمليات الشرق الأوسط في عدد من النقاط، قائلا:
* إسرائيل ستتمسك بموقفها في توجيه "ضربة كبيرة" لحماس في قطاع غزة، وبالتالي ستواصل عملياتها العسكرية خلال الأيام المقبلة.
* الولايات المتحدة دعمت تل أبيب سياسياً وعسكرياً بشكل كبير، ولن تتنازل عن هيبة الردع الأميركي، في المقابل لن تسمح إيران بالقضاء على أحد حلفائها في المنطقة، وبالتالي فنحن أمام "معادلة صفرية" ستكبد المنطقة بأسرها خسائر قد تستمر لسنوات طويلة.
* إسرائيل تعتمد على الدعم الدولي، لكن حادثة قصف مستشفى المعمداني ستؤثر عليها بالتأكيد، ومع مرور الوقت تستفيد إيران ومحور المقاومة، خاصة مع الغضب الراهن في العالم العربي إزاء ما يجري من قصف عشوائي وسقوط الضحايا من المدنيين.
* إذا انتصرت إسرائيل بدعم أميركي سيكون مقدمة لتراجع دور إيران، في حين لو استطاعت إيران أن توقف التدخل البري سيكون "وبالا" على تل أبيب التي ستفقد ميزة "الردع".
* من ناحية مصر والأردن، فهما تقفان ضد "مخطط التهجير"، وتطالب بضرورة حصر الصراع ومنع تمدده، لأن ذلك يعني توسعًا في صراع قد لا يمكن التعامل معه.
* حال اشتراك حزب الله فإن الأمور قد تخرج عن السيطرة، وحتى الآن الوضع عبارة عن "شد وجذب"، ورسائل سياسية بين الأطراف المتنازعة وبالدرجة الأولى بين الولايات المتحدة وإيران.
* هناك سيناريو خطير بأن تتجه إسرائيل لفصل قطاع غزة والتدخل بالقنابل الذكية وضرب البنية التحتية والاستيلاء على القطاع بشكل كامل، وبالتالي تحدث أضرارا كبيرة بالبنية العسكرية لكتائب القسام، وحينها فالوضع مرشح للانفجار.
ملفات إقليمية
كما قال المحلل السياسي والمستشار الاستراتيجي الإيطالي، دانييلي روفينيتي، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، إنه يمكن أن يتردد صدى بداية مرحلة من الحرب الشاملة بين إسرائيل وحماس عبر مجموعة من الملفات الإقليمية بشرق المتوسط بما في ذلك لبنان وسوريا، إلى شمال إفريقيا، وصولا إلى إيران.
وأوضح أنه "يمكن أن تكون الآثار واسعة لأنها يمكن أن تؤثر على التوازن الدقيق في سوريا، فضلًا عن القلق من تورط الجماعات الموالية لإيران التي يمكن أن تنشط من خلال فتح جبهة إضافية تتجاوز الجبهة التي تشتعل مع حزب الله".