أثارت تصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن تحرك الرياض باستمرار لتسوية النزاع في بين روسيا وأوكرانيا، ردود فعل واسعة في الإعلام الغربي، بشأن دور المملكة لإنهاء الحرب المتواصلة منذ فبراير من العام 2022.
وقال ولي العهد السعودي في مقابلته مع قناة "فوكس نيوز" الأميركية، إن السعودية تبذل كل ما في وسعها من أجل تفعيل الجهود لتسوية النزاع في أوكرانيا.
علاقات جيدة بروسيا وأوكرانيا
علق الأمير محمد بن سلمان على موقف بلاده من الحرب في أوكرانيا، بالقول: "ما يحدث هناك هو أمر سيئ، لا أحد يريد رؤيته، أن تغزو بلداً هو أمر يعارض قواعد الأمم المتحدة، ولقد صوتت السعودية ضد هذا الغزو".
أضاف: "الروس لديهم حجة لما قاموا به، بسبب توسيع الناتو وما إلى ذلك، ولديهم قائمة حجج، وغزو أي بلد هو أمر سيء، ولكن السعودية لديها علاقات جيدة مع روسيا، كما أننا لدينا علاقات جيدة مع أوكرانيا، لدينا علاقات تجارية مذهلة و جوهرية مع كل من أوكرانيا وروسيا، ومن جهتنا، سوف نسعى جاهدين للمضي قدما لحل هذه المشكلة".
وبشأن الموقف من استضافة الرياض لمحادثات سلام غابت عنها روسيا، تابع ولي العهد السعودي: "السعودية تدعم الوصول إلى حل بين روسيا وأوكرانيا، وتلعب دور الوسيط بين البلدين".
وشدد على أن قرار "أوبك+"، بخفض إنتاج النفط يستند إلى استقرار السوق وليس القصد منه مساعدة روسيا.
واستضافت مدينة جدة السعودية، في أغسطس الماضي، مؤتمرًا بشأن تسوية الصراع بين روسيا وأوكرانيا، شارك فيه ممثلو أكثر من 40 بلدا ومنظمة دولية، لكنه عقد بدون مشاركة موسكو.
دور قيادي
ويرى كبير محللي الشؤون الروسية في مجموعة الأزمات الدولية، والمقيم في موسكو، أوليغ إغناتوف، في حديث لسكاي نيوز عربية، أن السعودية لها دور كبير مؤخرًا، إذ تستطيع التحرك بفاعلية في ملف الحرب الأوكرانية، خاصة أن بإمكانها أن تجمع الجنوب العالمي، وكذلك الصين والهند، إلى الحوار، وقد تجلى ذلك في الاجتماع الذي عقد في جدة مؤخرًا.
وعن دلالة تصريحات ولي العهد السعودي بشأن العلاقات مع روسيا وأوكرانيا، أشار "إغناتوف"، إلى عدد من النقاط:
- تهتم المملكة العربية السعودية حقا بزيادة دورها في الساحة الدولية، لكنها بحاجة إلى وقفة في إدارة مثل هذه الصراعات المعقدة.
- أعتقد أن السعودية لديها نفوذ على روسيا، وهذا هو في المقام الأول عبر النفط ومشاركة روسيا في "أوبك +"، ومن المحتمل أن تستخدم هذا النفوذ في مساعيها لوقف هذه الحرب.
- وبشكل عام، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستمع إلى ولي العهد السعودي، والاتصالات الشخصية مهمة جدا في هذا الصدد، وإذا أراد الأمير محمد بن سلمان أن ينقل شيئا إلى بوتين، فسوف يستمع إليه، وهذه أداة مهمة يفتقر إليها القادة الغربيون الآن، على سبيل المثال.
تفاهمات مشتركة
بدوره، يقول الخبير والباحث الروسي في العلاقات الدولية، تيمور دويدار، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، إن تصريحات ولي العهد السعودي تعكس العلاقات المتنامية بين روسيا والسعودية بشكل خاص، ومع كافة دول الخليج العربي بشكل عام.
وأضاف: "منذ تولي ولي العهد السعودي منصبه، وهناك تفاهم شخصي بين الأمير محمد بن سلمان والرئيس بوتين، وشراكة في وجهات النظر التي تتعلق بالتحولات نشهدها في النظام الدولي الجديد".
وبشأن دور السعودية في تسوية الأزمة بين موسكو وكييف، أوضح دويدار أن "الدور السعودي مهم للغاية إذ يشكل وجهة نظر نحو أهمية السلام في أوروبا والأخذ في الاعتبار المخاوف الأمنية لروسيا، وهذا ما شهده حديث ولي العهد السعودي الذي يتفهم وجهة نظر موسكو ومخاوفها الأمنية إزاء التهديدات التي تواجهها".