في إعلان يعكس تنامي جهود محاربة تجارة المخدرات وتعاطيها في العراق، أكدت المديرية العامة لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية التابعة لوزارة الداخلية، القبض على 10 آلاف متهم بتجارة وتهريب المخدرات خلال 8 أشهر فقط، مشيرة إلى أن مجابهة هذه الآفة "توسعت من العمل الأمني إلى الاستخباري".
المتحدث باسم المديرية حسين التميمي، قال لوكالة الأنباء العراقية:
- "نفذت الوزارة عمليات استباقية بحق المتاجرين والمروجين ومتعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية، ومن تاريخ تسلم وزير الداخلية عبد الأمير الشمري المهام في نوفمبر 2022، تم القبض على 10 آلاف متهم بجريمة المخدرات، آخرها القبض على شبكة مخدرات دولية في المثنى، تم الإعلان عنها من قبل الداخلية".
- "تم تشكيل فريق عمل وتتبع شبكة المخدرات بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الاستخبارية الأخرى، ومن بينها خلية الصقور الاستخبارية".
- "تحول عمل مكافحة المخدرات من العمل الشرطوي إلى العمل الاستخباري، لذلك تم تكثيف عمليات الضبط بالجرم المشهود وعمليات دحر المتاجرين بالمخدرات".
- "إذا تمت مقارنة كميات المواد المخدرة المضبوطة في النصف الأول من عام 2023، مع ما ضبط بعامي 2021 و2022، فإن العمل تضاعف وأسفر عن ضبط كميات أكبر تقدر بضعف السنوات السابقة، وهناك تقويض لجريمة المخدرات في العراق".
ورأى مراقبون وخبراء أن تكثيف الحملات الأمنية والاستخبارية، "خطوة ضرورية في إطار الحرب على آفة المخدرات، التي لا تقل خطورة عن الإرهاب".
كما اعتبروا أن "هذه الأعداد تعكس انتشار المتاجرة بالمخدرات"، حيث أنه بمعدل شهري ألقي القبض على أكثر من 1250 متورطا فيها، وهو رقم كبير جدا رغم أنه لا يشمل كل المتاجرين بالمخدرات ممن لم تطلهم بعد يد العدالة.
وأشاروا إلى أن "تنامي تجارة المخدرات في العراق وعبره، على يد مافيات وعصابات منظمة محلية وأجنبية، يتغذى على أسباب متداخلة خارجية وداخلية"، أبرزها:
- "قرب البلاد من خطوط تجارة المخدرات الإقليمية وتهريبها".
- "تفشي البطالة والفقر، وانسداد الآفاق أمام الكثيرين من الشباب، خاصة بين الفئات العمرية اليافعة، والتي هي الضحية الأولى لآفة الإدمان المدمرة".
خطر داهم
وفي هذا الصدد، قال مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، غازي حسين، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية":
- "انتشار المخدرات في العراق وعدد من دول المنطقة، يشكل ظاهرة خطيرة للغاية، ويشير لتطور قدرات الإنتاج والترويج من قبل مافيات الاتجار بالمخدرات، فمثلا تم قبل أيام الكشف عن مصنع كامل لإنتاج حبوب الكبتاغون في محافظة المثنى جنوبي البلاد".
- "تتم أيضا زراعة الحشيش وغيره من مواد مخدرة في بعض مناطق العراق. وما يزيد الأمر تعقيدا هو زيادة نشاط شبكات التهريب، من أفغانستان مرورا بإيران فالعراق، ومن ثم نحو بقية دول المنطقة، وبالعكس".
- "نحن أمام خطر توسع عمل شبكات ومافيات الإنتاج والتهريب محليا وإقليميا، والتي تحاول جعل العراق محطة أساسية لهذه التجارة القذرة".
- "مع الأسف فإن استهلاك المخدرات أصبح كبيرا جدا في العراق، خاصة بين الفئات العمرية الصغيرة، والتي تدمر مستقبل الشباب وتبدد طاقاتهم وتشل إمكانياتهم العقلية والجسدية، فالمخدرات لا تقل خطورة عن الإرهاب".
تعاون إقليمي ودولي
ويعد تعزيز الجهد الاستخباري مهما جدا في سياق محاولات العراق لكبح جماح هذا الخطر، خاصة عبر التنسيق مع الأجهزة المعنية بمكافحة المخدرات، لا سيما في الدول العربية والمجاورة، لمراقبة وملاحقة مافيات وعصابات التهريب والاتجار، والتي هي في بعضها دولية الطابع.
ويفرض هذا توسيع نطاق التعاون في مكافحة المخدرات، لا سيما مع دول الاتحاد الأوروبي ومختلف المنظمات والهيئات الدولية المعنية.
معالجات اجتماعية واقتصادية
من جانبه، قال الخبير الأمني والسياسي العراقي، علي البيدر، لموقع "سكاي نيوز عربية":
- "تعاطي المخدرات وتجارتها ازدهرا بالعراق بعد عام 2003، فقبل هذا التاريخ كانت البلاد عامة بمنأى عن تفشي ظاهرة إدمان المخدرات والاتجار بها، بفعل القوانين العقابية الصارمة التي كانت معتمدة آنذاك ضد المتعاطين والمتاجرين، والتي كانت تصل لعقوبة الإعدام".
- "العراق حينها كان فقط ممرا ثانويا ونقطة عبور هامشية في مسارات تجارة المخدرات الدولية، إلا أنه تحول مع الأسف بعد ذلك لساحة لتلك التجارة السامة، حيث أصبحت حدوده الشرقية خاصة، بؤرتها الكبرى".
- "رغم توالي النجاحات الأمنية والاستخبارية العراقية في محاربة هذه الآفة، لكن لا بد بموازاة ذلك من تطوير المعالجات الاجتماعية والاقتصادية للعوامل المحفزة لتنامي تعاطي المخدرات في المجتمع العراقي".
- "يجب التركيز على فئة الشباب لمنعهم من الوقوع في شرك الإدمان، من خلال معالجة ظواهر البطالة والفقر والتسرب من المدارس، وغيرها من العوامل التي تؤثر سلبا عليهم".
أرقام ونسب مخيفة
- إحصائيات مجلس القضاء الأعلى في العراق لعام 2021 أشارت إلى أن "نسبة الإدمان على المخدرات قد تصل إلى 50 في المائة من فئة الشباب".
- "النسبة الأكبر للتعاطي تصل إلى 70 في المائة، في المناطق والأحياء الفقيرة التي تكثر فيها البطالة".
- "ينص قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في العراق، رقم 50 الصادر عام 2017، على عقوبات صارمة تصل لحد الإعدام، كما في المادة 27 منه، وللسجن المؤبد، وفق المادة 28 من القانون".
- "أكثر أصناف المواد المخدرة تعاطيا في العراق، هي الكريستال الأبيض والحشيش وحبوب الكبتاغون، ومعظمها تدخل البلاد من الخارج".