تتفاعل أزمة هدم مسجد السراجي في محافظة البصرة جنوبي العراق، الذي يعود تاريخ بنائه لما قبل نحو 3 قرون.
وانتشرت على منصات التواصل الاجتماعي في العراق مقاطع فيديو لعملية الهدم، مما أثار موجة من الغضب الشعبي عارمة، فيما أصدر وزير الثقافة والسياحة والآثار أحمد فكاك البدراني، بيان استنكار لهدم المسجد.
وقال البدراني تعليقا على الحادثة:
- في الوقت الذي نؤكد به حرص دولة العراق حكومة وشعبا على البناء والرقي والتقدم على كافة الأصعدة، نرفض ونمنع ونحول دون المساس بأي بناء يحمل سمة تراثية أو أثرية، سواء كانت دينية أو مدنية، إذ أنها لا تعد ملكا لديوان أوقاف أو وزارة أو هيئة أو محافظة، وإنما ملك التاريخ الحضاري والتراثي للعراق.
- سنتخذ الإجراءات القانونية لحماية الإرث الحضاري الكبير ضد أي تجاوز إداري أو شخصي يشجع ويعمل على إلحاق الضرر بشكل مقصود أو عفوي، خصوصا حادثة هدم منارة جامع السراجي.
- نطالب الوقفين السني والشيعي بالتدخل والوقوف بحزم ومعاقبة منتسبيها، في حالة السماح لهم بالتجاوز أو تزوير الحقائق التاريخية.
فيما كشف محافظ البصرة أسعد العيداني في تصريحات صحفية، أن آليات الإزالة باشرت بعملية هدم وإزالة منارة جامع السراجي، بعد الاتفاق على ذلك بين حكومة البصرة ومدير الوقف السني بعد زيارته الأخيرة للمحافظة.
وأضاف أن الحكومة المحلية تكفلت ببناء المنارة من جديد، وتوسعة الجامع بما يليق باسمه وتاريخه، ويتناسب مع الحركة العمرانية التي تشهدها المحافظة.
وأشار العيداني إلى أن "عملية الإزالة تمت بالتنسيق مع الوقف السني، وسترفع كافة الأنقاض وتتم تسوية الأرض وبناء الجامع من جديد بمواصفات عالية، تليق بكافة المصلين وبموافقة الوقف السني".
ولفت المسؤول المحلي إلى أن "هدف الهدم هو إكمال توسعة الشارع وتلبية مطالب المواطنين بذلك".
رد فعل الوقف السني
لكن الوقف السني نفى في بيان علاقته بإجراءات هدم منارة الجامع بهذه الطريقة، مؤكدا أن الإجراءات خضعت للنقاش "في أكثر من اجتماع لمجلس الأوقاف الأعلى منذ حوالي سنة وربما يزيد، بعد أن تقدمت الجهات المسؤولة بالبصرة بأكثر من طلب تؤكد فيه أن المنارة موضوعة في عرض الشارع وتعيق حركة المرور تماما".
وأشار الوقف إلى أن "الاتفاق نص على تقطيع المنارة وتفكيكها ونقلها بطريقة حفظ الآثار وصيانتها، واحترام مكانتها في نفوس الأهالي، وإعادتها إلى وضعها الطبيعي".
وشدد على ضرورة "احترام الأوقاف والمساجد ومناراتها، خاصة التاريخية والأثرية منها".
وعل خلفية ما دار من لغط حول موافقته من عدمها على عملية الهدم، قرر ديوان الوقف السني، الأحد، إعفاء مدير أوقاف المنطقة الجنوبية من منصبه.
توضيح من وزارة الثقافة
قال المتحدث باسم وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية أحمد العلياوي، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية":
- تلقينا كوزارة خبر هدم منارة السراجي وهدم المسجد تباعا بأسف شديد، وعبرنا عن استنكارنا لهذا العمل الذي أدى لتهديم منارة يصل عمرها لنحو 300 عام.
- وجهنا عبر الهيئة العامة للآثار والتراث وتحديدا مفتشية آثار البصرة مجموعة من المخاطبات الرسمية لديوان المحافظة وديوان الوقف السني، بوصف أن الأرض التي يشغلها المسجد هي للوقف السني.
- طرحنا مجموعة مقترحات خاضعة لقانون الآثار العراقي، الذي يحتم على كافة الجهات عدم المساس بالمباني التراثية والمواقع الأثرية، مع ضرورة الحفاظ على المنارة عبر تفكيكها ونقلها لباحة المسجد وإعادة تركيبها وفق المواصفات التي يعمل وفقها الخبراء.
- بعد ذلك، ومنذ فبراير الماضي، ونحن في تواصل مع الجهات المعنية في البصرة حول هذه المسألة، لكننا فوجئنا وبصدمة كبيرة بهدم المنارة وإزاحة المسجد بإشراف الحكومة المحلية بمحافظة البصرة.
- الأمر أثار استنكارا وإدانة واسعين من قبل البرلمان ولجنته الثقافية، والمهتمين بالشأن الثقافي والتراثي، علاوة على استنكار ديوان الوقف السني عبر بيان رسمي، أكد عدم موافقته على هدم المسجد ومنارته التراثية كما يشاع.
- في كل الأحوال، هذا الفعل المؤسف غير مبرر، فبلدان العالم تحرص على حماية مبانيها التراثية والاعتناء بها مهما كان عمرها الافتراضي قصيرا، إلا أن ما حصل مع مسجد السراجي هو تهديم مباشر ومعلن، وهو ما يمس الهوية التراثية والثقافية للعراق.
- الأصوات تتعالى لمحاسبة المقصرين والمتسببين بذلك، وثمة مطالبات من اللجنة النيابية للثقافة لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني ولمجلس القضاء الأعلى، بالتحقيق فيما حصل ومحاسبة من تسببوا بهدم المنارة وإزاحة المسجد.
- نحن كوزارة ثقافة نتبنى مثل هذا الموقف، ونتنظر معاقبة كل من تسبب في إزاحة هذا الموقع والإساءة لهويتنا التراثية ولثقافتنا.
ويعد جامع السراجي من مساجد العراق التاريخية القديمة، وبني عام 1727 في قضاء أبي الخصيب بالبصرة، الذي يشتهر بتصميمه العمراني الأثري وبمنارته التي تعد معلما بارزا في المحافظة.
ويمتد المسجد على مساحة 1900 متر مربع، وقد تم ترميمه في ثمانينيات القرن العشرين.