في انفراجة جديدة في ملف المهجّرين بالعراق، أعلنت وزارة الهجرة والمهجّرين عودة 189 نازحا إيزيديا إلى مناطق سكناهم في قضاء سنجار بمحافظة نينوى بعد أن هجَّرهم منها تنظيم داعش الإرهابي إبان اجتياحه المنطقة عام 2014.
وفق بيان لوزيرة الهجرة، إيفان فائق جابرو، نقلته وكالة الأنباء العراقية "واع"، الجمعة، فإن "189 نازحا إيزيديا عادوا من مخيمات النزوح في محافظة دهوك إلى مناطق سكناهم الأصلية في قضاء سنجار بمحافظة نينوى" شمالا.
وأكدت أن "كوادر الوزارة مستمرة بتسجيل الأسر النازحة التي ترغب بالعودة".
عقبات أمام النازحين
يوضح خبيران عراقيان لموقع "سكاي نيوز عربية" العقبات التي واجهت عودة عشرات آلاف النازحين من مخيمات كردستان والموصل إلى سنجار، ومؤشرات قدرة الحكومة في الآونة الأخيرة على حلحلة هذا الملف، وبدء إعادة النازحين.
اجتاح داعش سنجار عام 2014 بشكل مفاجئ، وهجَّر الكثير من سكانها الذين يشكل الإيزيديون غالبيتهم، بعد قتل وأسر الآلاف.
رغم تحرير المدينة وغيرها من داعش عام 2017، فإن ملف عودة النازحين ظل عالقا في شبكة صراعات محلية وإقليمية.
واقع جديد
المحلل السياسي العراقي، علي البيدر، يرى في بدء عودة النازحين مؤشرا على "قدرة الدولة العراقية على فرض واقع جديد في سنجار، بعيدا عن الإرادة الإقليمية والجماعات المسلحة والأحزاب التي عرقلت العودة".
يأمل البيدر في أن يكون هذا بارقة أمل لتكرار تجربة سنجار في مناطق أخرى تثبت فيها الدولة أنها أصبحت الأقوى، خاصة أن سنجار كانت تمثّل محطة يصعب على الدولة الوصول إليها أو فرض سياساتها فيها لأسباب محلية وإقليمية.
ويأمل أن تصل الحكومة لنقطة "تصفير ملف النزوح، بحيث لا يبقى من النازحين سوى النازحين وفق إرادتهم، وهو أمر طبيعي حيث يحدث تغيير ديموغرافي بعد كل أزمة".
عقبات إقليمية وحزبية
العراقيل المحلية والإقليمية التي يشير إليها البيدر في فرض إرادة الدولة في سنجار، ظهرت بعد تحرير المدينة من داعش، حيث إن وجود "قوات حماية سنجار" المرتبطة بحزب العمال الكردستاني تراه تركيا المجاورة خطرا على أمنها القومي، لعلاقتهم بما تعتبرهم أكرادا "متمردين" في جنوب شرق تركيا.
كما يوجد بالمنطقة "فوج الإيزيديين"، وحركات تخضع لميليشيا "الحشد الشعبي"، وغيرها من كيانات تدخل في صراعات لها امتدادات عِرقية ودينية وسياسية مع جماعات أخرى في تركيا وسوريا وإيران، مما أضعف وجود الدولة العراقية هناك لوقت طويل، ووقف ضد عودة النازحين.
في هذا الصدد، يقول البيدر إن "قضية سنجار قضية ذات أبعاد طائفية، وسكان المدينة يشكّلون أكثر من قومية وأكثر من ديانة، وربما تحسب حسابات ضيقة في هذا الجانب، رغم أنهم تعايشوا لأزمنة في إطارٍ من الود".
عودة على المدى الطويل
المحلل السياسي العراقي، ياسين عزيز، يرى أن الاهتمام بملف عودة النازحين جاء بعد الانتقادات الكبيرة التي تعرّضت لها وزيرة الهجرة والمهجرين في العراق لعدم تسهيل العودة.
يُرجع عزيز تأخّر عودة النازحين في السنوات الماضية إلى أن القوات الاتحادية لم تتسلمه بشكل كامل، بجانب خشية النازحين أنفسهم من العودة لوجود جماعات في المنطقة لا تحظى بقبولهم.
نتيجة بقاء بعض العقبات، يتوقع المحلل العراقي أن عودة النازحين بالكامل أو أغلبهم "قد تطول، ولن تكون يسيرة في القريب العاجل".
في مايو الماضي، بعث الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد، رسالة طمأنة إلى النازحين، قائلا إن الوضع الآن في العراق "أفضل بكثير، ويشهد تطورات إيجابية"، وهذا سيساعد في إنهاء ملف نازحي سنجار.