تتعالى أصوات هيئات مدنية وحقوقية في المغرب من أجل حماية النساء من جميع أشكال العنف الممارس في حقهن، بالعنف الرقمي الذي يصل تأثيره حد التفكير في الانتحار.
وكشفت جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" أن حوالي 87 بالمئة من النساء اللواتي تعرضن للعنف الرقمي عبرن عن رغبتهن في الانتحار فيما قامت واحدة منهن بالانتحار بشكل فعلي.
وأكدت الجمعية خلال إطلاق حملتها الجديدة تحت اسم "سطوب العنف الرقمي" أن هذا النوع من العنف يعتبر من أخطر أنوع العنف الذي تتعرض له النساء على الإطلاق.
والعنف الرقمي أو السيبراني هو أحد أنواع العنف الذي يمكن أن يكون على شكل انتهاك لخصوصية الأشخاص أو التشهير أو إرسال رسائل جنسية أو سرقة الهوية أو سرقة البيانات بغرض الابتزاز.
تفاقم العنف الرقمي
ويحذر نشطاء في مجال حقوق المرأة من خطورة العنف الرقمي الذي يتزايد عدد ضحاياه مع الانتشار الواسع للتكنولوجيات الحديثة للمعلومات، واستخدام منصات التواصل الاجتماعي.
تعتبر بشرى عبده رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، أن العنف الرقمي آفة خطيرة تمس بالسلامة النفسية والاجتماعية والاقتصادية لضحاياه الذين يعانون في صمت، بسبب الخوف من التشهير عبر وسائط التواصل الاجتماعي.
وتضيف الناشطة في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن هذا النوع من العنف والذي بات يتفاقم بقوة له تداعيات خطيرة على ضحاياه من النساء، تجعلهن يعشن أزمات نفسية قد تدفع بهن إلى التفكير بالانتحار.
وتتابع الفاعلة المدنية، أن الجمعية التي ترأسها تدق ناقوس الخطر باستمرار بشأن العنف الرقمي، وتعمل على المساهمة إلى جانب الجهات المعنية من أجل الحد من هذه الآفة التي مست بأزيد من 1.5 مليون من النساء في المغرب حسب الأرقام الرسمية.
وتعتبر عبده أن "الانتقام من الضحية هو أحد دوافع هذا النوع من العنف، خاصة عندما يعتبر الجاني أن الفضاء الرقمي وسيلة سهلة من أجل التشهير والابتزاز غير مدرك للعقوبات القانونية المترتبة عن هذا الفعل".
وتوضح المتحدثة، أن الجمعية ومن خلال حملة "سطوب العنف الرقمي" تضع رهن إشارة الضحايا تطبيقا إلكترونيا للتبليغ عن العنف ومركز لاستقبال النساء والفتيات لتقديم الدعم النفسي والقانوني لهن، إلى جانب العمل على تبادل الخبرات والتجارب مع المجتمع المدني في مدن متفرقة من المملكة من أجل التوعية والتحسيس بخطورة هذا العنف.
العقوبات
ويجرم القانون 103.13 الخاص بمناهضة العنف ضد النساء العنف الالكتروني، حيث تترواح عقوبة هذا الفعل بين 6 أشهر و5 سنوات سجنا، بالإضافة إلى الغرامة المالية.
ويعاقب الفصل 1-447 من القانون 103.13 بالحبس من 6 أشهر إلى ثلاث سنوات سجنا، كل شخص قام عمدا وبأي وسيلة بما في ذلك الأنشطة المعلوماتية، بالتقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري أو صورة أثناء تواجده في مكان خاص، دون موافقة صاحبها.
فيما ينص الفصل 2-447 على السجن من سنة واحدة إلى ثلاث سنوات كل من قام بأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، ببث أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته، دون موافقته أو دون الإشارة إلى كون هذه التركيبة مفبركة وغير حقيقية، أو قام ببث أو توزيع ادعاءات أو وقائع كاذبة، بقصد المس بالحياة الخاصة للأشخاص أو التشهير بهم.
تشير الناشطة الحقوقية والمحامية زاهية اعمومو، إلى أن القانون الخاص بالعنف ضد النساء يرفع في فصله 3-447 العقوبة السجنية إلى 5 سنوات، إذا أعيد ارتكاب الأفعال السابقة أو اقترفت من طرف أحد الفروع أو الأصول أو شخص مثل الزوج أو الطليق أو الخاطب..
تقول اعمومو في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن القانون يشدد العقوبة في حال كانت تربط الضحية صلة قرابة بالمشتكى به مثل الزوج الذي يمكن أن يستغل صور طليقته للضغط عليها من أجل التنازل عن حقوقها أثناء حدوث الطلاق.
التوعية
وتؤكد زاهية اعمومو، أن العنف الإلكتروني يعتبر من أخطر أنواع العنف لما له من آثار نفسية واجتماعية واقتصادية وخيمة قد تؤدي إلى الاكتتاب أو التفكير في الانتحار والإقدام عليه.
وتدعو المتحدثة، إلى نشر والتعريف بالقانون الذي يعاقب على هذه الأفعال، لافتة إلى التفاعل الإيجابي للقضاء مع عدد من ملفات العنف الرقمي والتي حكم أصحابها بعقوبات حبسية بلغت 3 سنوات.
وتشدد المحامية، على ضرورة توعية الضحايا بأهمية التبليغ عن العنف الرقمي، والاحتفاظ بوسائل الإثبات من خلال الاستعانة بمفوض قضائي لاستخراجها ومتابعة المتهم أمام القضاء.
العنف الإلكتروني بالأرقام
وكانت المندوبية السامية للتخطيط (هيئة الإحصاء في البلاد) قد كشفت أن 1.5 مليون امرأة مغربية وقعن ضحايا العنف الرقمي سواء عن طريق المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية أو الرسائل الالكترونية.
ووفق الأرقام التي أعلنت عنها المندوبية في مذكرة أصدرتها شهر مارس الماضي بمناسبة اليوم العالمي لحقوق المرأة فإن:
- العنف الرقمي يشكل 19 بالمئة من مجموع أشكال العنف في المغرب.
-نسبة العنف الرقمي ترتفع وسط نساء المدن بـ16 بالمئة.
-خطر التعرض لهذا النوع من العنف يرتفع لدى التلميذات والطالبات بنسبة 36 بالمئة.
-حوالي 73 بالمئة من حالات العنف ترتكب من طرف رجل غريب.