مع انطلاق المحادثات بين طرفي الصراع السوداني في السعودية، ارتجَّت الخرطوم مجددا بالاشتباكات وأصوات الرصاص؛ ما يزيد القلق من استمرار الصراع الذي يهدد بسقوط الدولة، ويصدّر أزماتها إلى دول الجوار.
تجدّدت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منطقة الرياض وشارع المطار وسط الخرطوم، حيث سمع هدير طائرات حربية ودوي انفجارات أثار هلع السكان.
يرصد خبيران سودانيان التأثيرات المدمرة التي يقولان لموقع "سكاي نيوز عربية" إنها ستنتج عن طول أمد المعارك، خاصة تلاشي الدولة وانتقال أزمات الاقتصاد والإرهاب والصراعات العرقية والقبلية إلى دول الجوار.
الدولة في خطر
قد يؤدي طول أمد المعارك واتساع رقعتها ودخول أطراف أخرى فيها إلى تلاشي الدولة في السودان.
في هذه النقطة، يلفت الخبير العسكري السوداني، اللواء ركن أمين إسماعيل مجذوب، إلى التدمير الكبير الذي طال البنية التحتية، مثل المياه والكهرباء وتعطل التعليم والمستشفيات، رغم أن المعارك لم يمر عليها أكثر من 3 أسابيع.
فوق ذلك، يفقد السودانيون يوميا أرواحا، ويصاب آخرون، حيث وصل عدد القتلى إلى 700، بجانب 5 آلاف جريح، حسب مجذوب.
يعاني السودان اقتصاديا منذ سنوات، وجاءت الحرب لتزيد إمكانية حدوث "انهيار اقتصادي كامل للبلاد"، كما يحذر الخبير السوداني.
منحنى خطير وواقع جديد
بوصف الخبير الاستراتيجي السوداني، بابكر يوسف، فإن الحرب أخذت "منحى خطيرا يفرض واقعا جديدا في مناحي الحياة بالسودان" الذي به نسبة عالية من الفقراء.
يتوقع يوسف أنه بجانب التدمير الجاري للبنية التحتية، فإنه إذا طال الصراع، ستنفجر فوضى تعيش عليها الجريمة المنظمة التي تقضي على البقية الباقية من مؤسسات وثروات الدولة.
يضرب أمثلة على أصابع هذه الفوضى التي بدأت تطل برأسها، بجرائم التعدي على البنوك، وضرب المنشآت، واحتلال المستشفيات، ونهب المصانع والمخازن العامة، بما فيها الغذائية.
باتت 60 مستشفى من أصل 88 في الخرطوم خارج الخدمة، وقرعت الأمم المتحدة جرس الإنذار حيال احتمال معاناة 19 مليون شخص من الجوع وسوء التغذية الأشهر المقبلة.
ماذا عن دول الجوار؟
تسبب الصراع في فرار 335 ألف شخص من أماكنهم، لجأ 115 ألفا منهم إلى الدول المجاورة.
يعرض الخبيران السودانيان التأثيرات السلبية المتوقعة على دول الجوار، التي تعاني أزمات اقتصادية من استمرار تدفق اللاجئين عليها، وفوضى الحدود:
- سيكون لطول الحرب تأثير اقتصادي واجتماعي وأمني على إثيوبيا ومصر وجنوب السودان وتشاد التي تعاني بالفعل.
- أقرب دولة يلجأ إليها السودانيون الفارون من الصراع هي مصر، التي تعاني من الأزمة الاقتصادية، علاوة على أنها شهدت الفترة الأخيرة حركة نزوح كبيرة من ليبيا واليمن وسوريا.
- رغم ذلك، فإن مصر هي أكثر دول الجوار المرشحة لاستقبال أعداد كبيرة من السودانيين، خاصة لما يجدونه فيها من استقرار، على عكس جنوب السودان وليبيا وتشاد.
- السودان قد يتحول لحاضنة للجماعات المتطرفة الموجودة في جنوب الصحراء الكبرى، وهو ما سيهدد دول الجوار كذلك.
- الصراع قد ينتقل لدول الجوار بسبب تداخل قبلي وأسباب إثنية.
- هناك دول جوار ليس لديها منفذ على البحر، مثل إثيوبيا وجنوب السودان وتشاد وإفريقيا الوسطى، وتعتمد على السودان في الصادرات والواردات، واستمرار الصراع سيشل حركة تجارتها.
السودانيون هم أكبر جالية أجنبية في مصر، ويقدر عددهم بنحو 4 ملايين نسمة أو يزيد، وقالت الأمم المتحدة إن 56 ألف شخص عبروا من السودان إلى مصر في الأزمة الأخيرة، بينما عبر أكثر من 12 ألفا إلى إثيوبيا، و30 ألفا إلى تشاد.
بتعبير بابكر يوسف فإن هذه الأسباب كفيلة بأن تقنع الجميع بأن "السلام وحده هو الحل".