"فاغنر"، باب المندب، مكافحة الإرهاب، خريطة جديدة للتحالفات، هي مفاتيح يفسر بها خبراء دوافع واشنطن للانخراط بقوة في ملف الصراع الدائر بين الجيش وقوة الدعم السريع في السودان.
ويرى عضو في الحزب الديمقراطي الأميركي ومحلل سياسي تحدثا لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الولايات المتحدة ترى "فرصة كبيرة" الآن لإعادة خريطة التحالفات القديمة بينها وبين دول في إفريقيا، تلك التي اهتزت وتغيرت في السنوات الأخيرة بعد جذب الصين وروسيا لهذه الدول بعيدا عن النفوذ الأميركي.
وضاعف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اتصالاته مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، ومع دول المنطقة والاتحاد الإفريقي؛ ما أدى للاتفاق على هدنة مدتها 3 أيام لتخفيف حدة القتال الدائر منذ 15 أبريل، ثم تمديدها 3 أيام أخرى، بما يوفر فرصة للدول لإجلاء رعاياها من السودان.
إبعاد "فاغنر"
العضو في الحزب الديمقراطي الأميركي، مهدي عفيفي، الذي ينتمي إليه الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، يرصد أغراض تواجه واشنطن نحو السودان الآن:
- العلاقات مع إفريقيا تأثرت بفترة حكم دونالد ترامب، ثم أزمة كوفيد 19 (كورونا)، ومؤخرا يعمل بايدن على تنشيطها، وعقد اجتماعا مع القادة الأفارقة قبل شهور.
- واشنطن تخشى أن يهيأ استمرار الصراع وصول قوات "فاغنر" الروسية إلى السودان بعد ان تمددت في بعض دول الجوار.
و"فاغنر" شركة روسية تعمل على تدريب المرتزقة وتوزيعهم بعقود في أماكن القتال، ومنذ ظهورها لدعم الجيش الروسي في أوكرانيا عام 2014، وهي تتعاقد مع حكومات في إفريقيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية، تحت غطاء مكافحة الإرهاب ودعم الاستقرار.
وتتهم واشنطن والاتحاد الأوروبي موسكو بأنها تستخدم "فاغنر" كأداة للتدخل والنفوذ في تلك البلدان، واستغلالها اقتصاديا.
مقدمة لقاعدة بحرية
الخبير في الشأن الأميركي، الدكتور كمال الزغول، يشير كذلك للحسابات الأميركية حول ما سيعكسه صراع السودان على نفوذ الصين وإيران في البحر الأحمر وعند باب المندب.
ويقول: "علينا التذكير بأن البحر الأحمر جزء من خطة مراقبة بحرية لفصل الصين وروسيا عن التأثير على القارة الإفريقية، ومحطة مراقبة للتحركات الإيرانية، والآن حانت الفرصة لتزيد واشنطن حضورها الدبلوماسي، وقد يمتد للحضور العسكري بقاعدة في البحر لردع الأطراف المتصارعة في السودان، إذا دعت الحاجة".
وفي ذلك، يلفت الزغول إلى أن وجود حاملات طائرات وقطع بحرية على سواحل بورتسودان "هو مقدمة لقاعدة بحرية قد تكون دائمة في المستقبل، هذه القاعدة المتحركة تؤمن تبادل أمني مع قاعدة جيبوتي بشكل عمودي باتجاه الصومال لكبح جماح حركة الشباب (الإرهابية)، والقدرة على ضبط مضيق باب المندب، وتحقيق اختراق افقي باتجاه الخرطوم لكبح جماح فاغنر الروسية، وعلى الأقل، جمع معلومات استخباراتية".
رسم خريطة التحالفات
هذه التدخلات الجديدة، قد تعيد رسم التحالفات لتعيد خريطتها القديمة بحسب الزغول: "نحن نعلم أن فرنسا ومصالحها تأثرت بعد تخفيض القوات الأميركية في عهد الرئيس ترامب، لكن بعودة هذه القوات إلى المنطقة سيعطي ذلك فرصة لعودة فرنسا إلى دول الساحل (بوسط وغرب إفريقيا) بقوة".
ويتوقع في هذا الاتجاه أن الطرف الفائز في السودان سيتحول للتحالف الكامل مع أميركا بعيدا عن روسيا والصين؛ نتيجة الحل الذي ستقوده الولايات المتحدة "سواء كان بالردع من البحر الأحمر، أم بالضغط الاقتصادي، أم بالدبلوماسبة المكثفة، وستعود كثير من الدول الإفريقية للتحالف مع أميركا والحماية الفرنسية".
وعن مصير وحدة السودان، يرجح الخبير في الشأن الأميركي، أن تدعم واشنطن السودان الموحد "لأن السودان المقسم لا يخدم مصالحها، لكنها تريد استغلال المناسبة قبل الحل".