مستشفيات مدمرة، وكوادر طبية لا تستطيع الوصول لمقر عملها، ومخازن أدوية منهوبة، ومرضى لا يجدون العلاج.. مشاهد دفعت سودانيين لإطلاق مبادرات شعبية تغيث المرضى وضحايا الاشتباكات التي تركت الآلاف بين قتلى وجرحى ولاجئين.
عضو لجنة أطباء السودان، الدكتور علاء الدين عوض نقد، يقيم ما تعرضت له المنظومة الصحية بـ"الانهيار"؛ نتيجة تراكمات وإهمال وقع خلال أزمات متتالية تعرضت لها البلاد السنوات الأخيرة.
أما عن الصراع المسلح الحالي بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع، فيقول لموقع "سكاي نيوز عربية" إنه "أجهض جميع جهود إصلاح المنظومة".
حال المستشفيات بالأرقام
يرصد عضو لجنة أطباء السودان، انهيار أكثر من ٨٠ بالمئة من المستشفيات بالبلاد، كالتالي:
- ٥٩ مستشفى بالسودان خارج الخدمة من أصل ٨٢.
- ٥٤ مستشفى بالخرطوم يعمل منها ١٠ فقط.
- ٢٣ مستشفى تعمل في الخرطوم والولايات المحيطة بها كالنيل والجزيرة، بطاقة استيعابية محدودة.
- القصف طال ١٣ مستشفى، منها ٩ في الخرطوم، و٤ في ولايات مثل شمال كردفان.
- هناك انقطاع للمياه والكهرباء في بعض المستشفيات.
- تعرضت مستشفيات لـ"اعتداءات ممنهجة مدفوعة الأجر على يد عصابات النهب".
ويتهم "عوض نقد" النظام الحاكم السابق، الذي كان يقوده الرئيس عمر البشير، وجماعة الإخوان بتأجير "عصابات" لتحطيم البنية التحتية للمستشفيات وسلب الصيدليات.
مبادرات شعبية عاجلة
في مواجهة هذه التطورات، أطلق سودانيون مبادرات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، منهم الناشط في المجال الطبي أحمد أوباما، الذي يقول لـ"سكاي نيوز عربية" إن مبادرته خرجت من مستشفى "النو" في ولاية أم درمان.
وتتضمن المبادرة:
- رصد الحالات التي تحتاج لعلاج وإيصالها للأطباء.
- توصيل الأطباء لأماكن عملهم في حالات عدم وجود مواصلات أو أمن كاف.
- توفير الدواء والعلاج لأصحاب الأمراض المزمنة.
وتقع مستشفيات كثيرة وشركات إمدادات طبية في مناطق اشتباكات؛ ما تسبب في عدم قدرة الأطباء أحيانا على الوصول إلى أماكن العمل، وعدم قدرة الشركات على توصيل الأدوية للمستشفيات، بحسب أحمد أوباما.
واندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في البلاد في 15 أبريل في العاصمة الخرطوم وأماكن أخرى، وسط تبادل اتهامات بين الجانبين بمن بدأ بالاعتداء على الآخر.
عربة إسعاف لـ ٤ ملايين
من مؤشرات العجز في الخدمات الصحية نتيجة الاشتباكات وقلة الأمان، كما ينقلها أوباما، أنه "في الخرطوم لا يوجد عربات إسعاف، وفي أم درمان يوجد عربة إسعاف واحدة تخدم ٤ ملايين شخص".
الدكتور "عوض نقد" يشكو بدوره من صعوبات الوصول للمستشفيات لسبب إضافي، هو أزمة الوقود.
ورغم هذه الصعوبات، إلا أن الكوادر الطبية تسعى للعمل قدر طاقتها كما يوضح: "نفس الكوادر الطبية تعمل بلا انقطاع في المستشفيات منذ اندلاع الاشتباكات في ١٥ أبريل، وتعاني من التعب والانهاك نتيجة العمل المتواصل بلا راحة".
ويتغلب بعض أفراد الكوادر الطبية على أزمة الوقود بالذهاب للمستشفى "سيرا على الأقدام"، لإغاثة المصابين والمرضى، وحاليا مستشفى "النو" يخدم ألفين مريض يوميا، ويعمل بداخله 200 كادر طبي، بحسب أحمد أوباما، يعمل بداخله
وعن طبيعة الإصابات التي تعالجها المستشفى الآن، يقول "هناك مصابون بطلقات نارية، وآخرون نتيجة شظايا قاتلة، بجانب المصابين بأمراض مزمنة كالقلب والسكري والضغط، ويوجد في المستشفى مركز لغسيل الكلى يخدم 200 مريض بعد إغلاق غالبية المراكز في الخرطوم وتحويل المرضى لهذه المستشفى".
أزمة أدوية
وخلال أسبوع، يتوقع أوباما أن تمر مستشفى "النو" بأزمة جديدة، وهي عدم وجود أدوية وعلاجات الطوارئ، مثل المسكنات وعلاجات الذبحة الصدرية، والجلطات.
ويتفق معه الدكتور علاء الدين نقد، قائلا: "إذا استمرت الاشتباكات، فلن نجد مستشفى واحدة تعمل في كامل السودان".