وصل، مساء الأربعاء، إلى مطار تونس قرطاج قرابة الخمسين مواطنا تونسيا، من بينهم دبلوماسيين، في رحلة إجلاء من السودان أمنتها السلطات التونسية على متن طائرة عسكرية أقلتهم من مدينة أسوان جنوبي مصر، بعد خروجهم برا من الخرطوم.
وتحدث القادمون من السودان، لموقع "سكاي نيوز عربية"، عن رحلة صعبة عبر الحدود البرية في سبيل الوصول إلى الجانب المصري، وعن أيام من الخوف والهلع عاشوها بعد أن فاجأتهم المعارك في المدينة.
وقال أنيس إنه عاش وعائلته معاناة رهيبة على المعبر الحدودي من الجانب السوداني، حيث كان الاكتظاظ كبيرا والظروف الإنسانية صعبة.
وأضاف: "نحمد الله على السلامة، وأن دبت أقدامنا على أرض تونس في صحة جيدة، خاصة أنه كانت برفقتنا حامل تم نقلها فور هبوط الطائرة إلى المستشفى".
وعن ظروف إقامته في الخرطوم، قال أنيس: "أعيش مع عائلتي منذ 8 سنوات في السودان في استقرار تام، حتى أفقنا يوم 15 أبريل على وقع أصوات الرصاص. ربما كنا نتوقع تطور الأوضاع، لكن الرعب كان لا يوصف".
وتابع: "مررنا بأربعة أيام من الخوف، خاصة أنني وعائلتي كنا نقطن بالقرب من منطقة الصراع، وسمعنا أصوات المتفجرات والقنابل والراجمات بشكل متواصل، مما أثار هلع الأطفال والكبار".
وأوضح أنيس أنهم خرجوا من الخرطوم باتجاه المعبر الحدودي بمرافقة حماية أمنتها القنصلية التونسية، على امتداد بضعة كيلومترات، وهو ما أكدته أيضا هالة، المهندسة الصناعية التي قالت إنها تواصلت مع السفارة التونسية منذ أول أيام المعارك، وطُلب منها البقاء في المنزل حتى موعد الإجلاء.
وحدثت هالة موقع "سكاي نيوز عربية"، بالقول: "رحلة الإجلاء تفوق كل وصف بصعوباتها المختلفة. اللحظات الأولى للاشتباكات كانت صادمة وغير متوقعة، فقد كنت أعيش وأعمل مهندسة منذ أشهر في الخرطوم في هدوء تام، بعد أن انتقلت رفقة زملائي في شركة عالمية لتنفيذ مشروع هناك".
وتابعت: "كنا نعيش وسط شعب مسالم، وفجأة انقلبت الأمور إلى اشتباكات وانفجارات وحرائق، تعطلت بعدها الحركة وخفنا من انقطاع الاتصالات والإنترنت، خاصة أن الأهل في تونس كانوا يتابعون الأخبار في ذعر".
أما سميرة التي قادتها الصدفة للسودان، بعد أن كانت في زيارة خاطفة لابنتها هناك، فقالت: "لم أتوقع أن أصل تونس، وأحمد الله على السلامة بعد أن تغيرت الأحوال فجأة واستفقنا على حرب مرعبة، خاصة أن منزل ابنتي كان قريبا من موقع القتال".
وأضافت: "كنا نرى القنابل والحرائق أمامنا من شرفة المنزل، وكانت النوافذ تهتز كل لحظة".
وهنا تدخلت ابنتها لتضيف: "تنقلنا لثلاثة أيام متواصلة من محطة نقل إلى أخرى حتى نصل إلى المعبر، وهناك انتظرنا من الثامنة صباحا إلى العاشرة ليلا لمغادرته نحو مصر، تحت درجات حرارة مرتفعة وفي ظروف سيئة، وسط حشود غفيرة من الناس".
واستطردت: "كان أطفالي برفقتي في رحلة الإجلاء التي دامت 3 أيام، دون دورات مياه ودون ظروف صحية ملائمة".
يذكر أن وزارة الخارجية التونسية كانت قد أعلنت، الأحد، أنها أعدت قائمة بأسماء التونسيين الموجودين في السودان، لتحضير عمليات الاجلاء.
وأكد قنصل تونس في السودان، ماهر زغوان، في تصريحات إعلامية، أن عملية مغادرة التونسيين من الخرطوم "كانت صعبة"، لافتا إلى أن الإجلاء متواصل من الخرطوم عبر الحافلات باتجاه الحدود المصرية، ثم إلى مدينة أسوان، للعودة لتونس عبر طائرة عسكرية.