في مؤشر خطير على تفاقم أزمة التلوث البيئي والتي تضرب مصادر المياه بالعراق، أعلنت وزارة البيئة عن نسبة مرتفعة جدا لتلوث الأنهر في البلاد.
وذلك وفق تصريحات أدلى بها مدير عام الدائرة الفنية في الوزارة، عيسى الفياض، لوكالة الأنباء العراقية، والتي أكد فيها إن "نسبة تلوث الأنهر بلغت 90 بالمئة بسبب تصريف مياه الصرف الصحي فيها دون معالجة".
وأضاف أن" البنى التحتية في بغداد تستوعب من 3-4 ملايين مواطن، في حين أن العاصمة فيها ما يقارب 8 ملايين، لهذا فإن كل محطات الأمطار تحولت إلى محطات للصرف الصحي وترمي المياه إلى الأنهار دون معالجة، وأحيانا محطات الأمطار تكون قريبة من مأخذ مياه الشرب".
حلول سريعة ولكن
وأشار المسؤول العراقي إلى أنه" تم عقد عدة اجتماعات في مجلس الوزراء، وطرح معالجات سريعة لتلوث المياه وصيانة محطات المعالجة وتطويرها لتقليل نسبة التلوث الموجودة بالأنهر، أما الحلول الجذرية تحتاج إلى وقت طويل، لأن البنى التحتية للعاصمة بغداد تحتاج إلى توسيع الطاقة الاستيعابية لمحطات الصرف الصحي".
ويرى خبراء أن مشكلة تلوث الأنهار تفاقمت مع تزايد إنشاء الأحياء السكنية العشوائية، في أغلب مدن العراق ولا سيما الكبيرة منها، ذلك أن البناء خارج التخطيط البلدي والهندسي ومن دون شبكات صرف صحي جديدة، زاد الضغط على الشبكات والبنى التحتية القديمة المتهالكة أصلا.
كيف حدث ذلك؟
يقول الخبير البيئي العراقي وعضو الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة أيمن قدوري، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية":
- هذا الإعلان الخطير هو تحصيل حاصل مع انخفاض مناسيب الأنهار بسبب قلة الاطلاقات المائية وانعدامها في بعض الأحيان من دول المنبع بالتزامن مع 3 مواسم جافة تفتقر للهطول المطري والساقط الثلجي في شمال البلاد جراء تسارع مراحل عملية التغيير المناخي نتيجة الاحترار العالمي.
- تضافرت هذه العوامل الطبيعية مع اللامبالاة الادارية لملف التلوث البيئي في البلاد، وتهالك منظومات معالجة مياه الصرف الصحي وعدم قدرتها على استيعاب مخلفات السكان، بعد التضخم الديمغرافي الذي تشهده العاصمة بغداد وارتفاع عدد مواطنيها لما يقارب 10 ملايين نسمة، علما أن مرافق العاصمة وبنيتها التحتية لا تستوعب أكثر من 4 ملايين نسمة.
- الهجرة العشوائية من الريف للمدينة بسبب شحة المياه في المحافظات الجنوبية خاصة، نتج عنها تقليص المساحات الزراعية ما دفع المزارعين لترك مهنهم وانتقالهم بحثا عن فرص العمل المتوفرة في بغداد، ما وضعها تحت ضغط سكاني هائل وما قاد لانتشار العشوائيات والتجاوز على التصميم الأساس للمدينة، وانتهاك حقوق الطبيعة من خلال تجريف البساتين والمساحات الخضراء لتكون بمثابة وحدات سكنية عشوائية في مناطق خارج تغطية الخدمات الصحية والبنى التحتية، بالتالي تكون آلية طرح مخلفات هذه المجاميع السكانية بشكل مباشر نحو المجاري المائية الأقرب لها، كما هو الحال في مناطق شرق وجنوب بغداد.
- ولا زالت المنشآت الحكومية كمحطة كهرباء ومصفى الدورة، ومحطة كهرباء الزعفرانية جنوب بغداد وغيرها من المنشآت الحكومية تلعب دورا سلبيا في تفاقم تلويث هواء ومياه المناطق المجاورة بشكل خاص وبغداد بشكل عام.
خطورة مياه الصرف
- أخطر محتويات مياه الصرف الصحي أو المياه العادمة، هي المعادن الثقيلة، أبرزها الزنك، النحاس، الرصاص، الكاديميوم و الحديد وهي معادن خطرة اذا ما تواجدت بالمياه بنسب عالية تفوق معدلاتها الطبيعية.
- وأثرها الضار ينتقل للإنسان بشكلين رئيسيين، إما مباشرة عن طريق مياه الشرب، أو بشكل غير مباشر من خلال تراكمها في أجسام حيوانات المراعي والنباتات.