قبل 20 عاما بالتمام والكمال، أطلقت الولايات المتحدة عملية غزو العراق في خطوة عسكرية أحدث تحولات استراتيجية ما زالت تداعياتها ماثلة في منطقة الشرق الأوسط.
وكان آري فيشر، وهو المتحدث باسم إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن، قد أشار إلى الغزو بـ"عملية تحرير العراق"، لكن التوصيف الذي صدر عنه مرتين بشكل عرضي ولم يكن الاسم المعتمد رسميا للتحرك العسكري، شاع كثيرا.
وبعد مضي عقدين، تعود عدة وجوه سياسية ودبلوماسية إلى الواجهة، سواء في الولايات المتحدة أو في دول حليفة لها، وسط تساؤلات حول دورها في غزو العراق، لا سيما أن المبررات الأميركية التي كانت ذريعة لبدء الحرب تبين أنها لم تكن صحيحة.
ولم يتوان رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، الذي كان حليفا لبوش في غزو العراق، عن الإقرار بالخطأ والاعتذار عن خطوة الحرب، لكن الاعتذار وُصف بالمتأخر من قبل كثيرين، لأنه جاء بعدما دفع العراق ثمنا باهظا من استقراره، قتلا وتشريدا ودمارا.
ويتحدث هذا التقرير عن أبرز المسؤولين الأميركيين عن إطلاق غزو العراق في 20 من مارس 2003، وأين هم الآن.
جورج بوش الابن
كان الرئيس الأميركي الأسبق عراب غزو العراق، تحت ذرائع حيازة العراق لأسلحة الدمار الشامل، ثم تبين أن تلك المزاعم لم تكن صحيحة بالمرة.
وكتبت صحف أميركية عن تناقضات جورج بوش الابن الذي بادر إلى إدانة العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا في فبراير 2022، في حين أنه فعل أمرا "مماثلا" قبل عقدين.
والآن يقضي بوش تقاعدا مريحا في ولاية تكساس بينما يمارس هوايته في الرسم، ويكسب المال من محاضراته، حيث يطلب مئة ألف دولار على الأقل حتى يتحدث لساعة واحدة.
ديك تشيني
وُصف نائب الرئيس الأميركي وقتئذ بأنه السياسي الذي ردد أكبر كذبة مدوية حول العراق، حين كان التحضير جاريا على أشده لأجل الغزو، لا سيما في خطاب شهير ألقاه في أغسطس 2002.
وزعم تشيني حينها أن حسين كامل صهر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، الذي انشق عن نظام البعث عام 1995، كشف عن محاولات متكررة من العراق لصنع أسلحة نووية، في حين أن المسؤول المنشق ظل ينفي ذلك طيلة الوقت، وهذا الأمر لم يكن سرا.
وبعد تقاعده من المنصب، قضى تشيني تقاعدا هنيئا وهو يمارس الصيد، ثم دعم الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة سنة 2016.
وقضى تشيني آخر أيامه بما يشبه قلبا آليا خارج الجسم، حتى يتمكن من دفع الدم نحو الشرايين بشكل مستمر ويبقيه على قيد الحياة.
دونالد رامسفيلد
في ظهر يوم 11 سبتمبر 2001 الذي شهد هجمات نيويورك، وبينما كانت النيران ما تزال مشتعلة في مبنى وزارة الدفاع الأميركية "بنتاغون" بواشنطن، قيل إن وزير الدفاع وقتئذ دونالد رامسفيلد كان يسأل ما إذا بات بوسع الولايات المتحدة أن تغزو العراق، في مؤشر على أنه كان متلهفا لخطوة الحرب.
توفي رامسفيلد في 2021، بعدما قضى تقاعدا في بيت فاخر بولاية ماريلاند، تاركا وراءه إرثا يوصف بالقاتم من قبل منتقديه.
كولن باول
وزير الخارجية الأميركي السابق الذي قاد الدبلوماسية الأميركية في فترة غزو العراق وصف بـ"الكاذب"، لأنه روج مزاعم ثبت أنها خاطئة من أجل إيجاد ذرائع لإدارة بوش.
يشير منتقدو باول إلى الخطاب الشهير الذي ألقاه في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، ثم تبين أن كلامه كان ملفقا بالكامل.
توفي باول سنة 2021، لكنه قضى آخر سنوات حياته وهو يعيش في هدوء، وفي حالة ثراء.
جون بولتون
لعب دورا بارزا في إدارة جورج بوش الابن، حيث شغل منصب نائب وزير الخارجية لشؤون الأمن الدولي، وكان أحد أكبر المبررين وقتئذ لغزو العراق.
الرجل الذي يوصف بالمتحمس جدا للحروب، حتى قال عن ترامب "لو أصغيت إليه لكنا الآن في الحرب العالمية السادسة"، لم يتأثر بمآل الحرب في العراق.
وعاد بولتون مع إدارة ترامب، وجرى تعيينه مستشارا للأمن القومي، وظل يردد آراءه التي كانت تميل إلى الصدام العسكري أكثر مما تجنح إلى التسويات السلمية.
كوندوليزا رايس
رايس التي تولت منصب مستشارة الأمن القومي لإدارة بوش الابن تحدثت في يناير 2003 عن مبرر غزو العراق، وزعمت أن الهدف من الحرب هو الاستباق حتى لا يتمكن صدام حسين من استخدام السلاح الخطير الموجود لديه.
وفي ظل الحرب الدائرة بأوكرانيا، خرجت رايس أيضا لتتحدث عن السلام، في حين يقول منتقدون إنها لعبت دورا بارزا في الحرب على العراق.
جو بايدن
كان بايدن عضوا في مجلس الشيوخ عن ولاية ديلاوير، وتولى وقتها رئاسة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ.
عقد بايدن جلسات استماع مهدت لغزو العراق، وكان وقتئذ من أبرز الأصوات الديمقراطية التي دافعت عن خطوة جورج بوش الابن.
تولى بايدن منصب نائب الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، فيما يشغل منصب رئيس الولايات المتحدة منذ 20 يناير 2021.