تزايدت إعداد الأطفال فاقدي السند بشكل مقلق في السودان خلال الفترة الأخيرة تزامنا مع ارتفاع معدلات الإدمان بين الشباب من الجنسين في ظل نقص شديد في المصحات ومراكز الإيواء والتأهيل وتدهور كبير في أوضاعها.
وعلى الرغم من عدم وجود بيانات دقيقة حول عدد الأطفال فاقدي السند، إلا أن بيانات مستقلة تقدر عددهم ما بين 800 إلى ألف طفل سنويا؛ يدخل نصفهم إلى دور الرعاية والإيواء القليلة المتوافرة في الأقاليم والعاصمة والبالغ عددها نحو 4.
لكن نحو 5 بالمئة منهم يموتون في سن مبكرة بسبب القصور الكبير في الرعاية الصحية والبيئة المتردية داخل دور الرعاية والتي تؤدي إلى سرعة انتشار وانتقال الأمراض المعدية.
الفقر والمخدرات
يعزي مختصون تزايد أعداد الأطفال فاقدي السند ومعدلات الولادة خارج إطار الزواج إلى الانتشار الكبير للمخدرات خلال الفترة الأخيرة إضافة إلى ارتفاع معدلات الفقر التي تطال 60 بالمئة من السكان البالغ عددهم نحو 40 مليون نسمة.
وتقدر تقارير غير رسمية متوسط الارتفاع في معدلات الإدمان بأكثر من 15 بالمئة سنويا خلال السنوات العشر الأخيرة؛ خصوصا في أوساط الشباب.
وتعزي الأخصائية النفسية سارة أبو تلك الزيادة الكبيرة إلى تزايد الضغوط النفسية الناجمة عن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وعدم اهتمام الدولة بالبرامج والأنشطة التي تستوعب طاقات الشباب.
وتقول أبو لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الصعوبات الكبيرة في الحصول على فرص العمل المناسبة إضافة إلى نقص المراكز الشبابية والرقابة الأسرية والظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد تشكل أسبابا رئيسية لانتشار ظاهرة تعاطي المخدرات في اوساط الشباب.
من جانبها، تشير ناهد جبر الله مديرة مركز سيما للتدريب وحماية حقوق المرأة والطفل في الخرطوم؛ إلى عدم وجود بيانات دقيقة حول أعداد الأطفال فاقدي السند؛ لكنها تقول لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الأوضاع الاقتصادية الصعبة وارتفاع معدلات الفقر والعنف ضد المرأة وانتشار المخدرات كلها أسباب تؤدي إلى زيادة أعداد الأطفال فاقدي السند.
وتبدي جار الله قلقها الشديد من الظروف السيئة التي تعيشها دور الرعاية وافتقارها إلى أبسط مقومات الحماية.
ظروف سيئة
ساد الشارع السوداني قلق كبير بعد تكرار وفيات الأطفال المقيمين في أحد مراكز الإيواء مؤخرا بسبب سوء التغذية وتدهور الأوضاع الصحية والبيئية.
ووصفت موظفة سابقة في الدار ما يحدث في الدار ب "الكارثة"؛ مشيرة إلى أن الأزمة تتفاقم يوما بعد الآخر.
وقالت الموظفة لموقع "سكاي نيوز عربية" - مشترطة عدم الكشف عن اسمها - إن المشكلة تكمن في غياب تنسيق الاختصاصات بين الجهات الصحية ووزارة الرعاية الاجتماعية إضافة إلى عدم وجود العدد الكافي من "الأمهات البديلات" وسوء بيئة العمل وضعف الأجور والحوافز المقدمة للطواقم المكلفة برعاية أولئك الأطفال إضافة إلى ضعف التدريب.
وتشير تقارير إلى زيادة كبيرة في أعداد الأطفال الذين تستقبلهم الدار والذين يصلون في معظم الأحيان في أوضاع صحية خطيرة بسبب الظروف التي يعيشونها بعد تركهم في العراء أو على قارعة الطريق بعد ولادتهم مباشرة خوفا من الوصمة الاجتماعية.