أثار الزلزال الذي ضرب تركيا وشمال سوريا في 6 من فبراير الجاري، الخوف في نفوس سكان الأبنية القديمة في لبنان، بعدما وصلت ترددات الزلزال إلى مدن رئيسية في البلاد كالعاصمة بيروت وطرابلس، حيث تملأ التصدعات جدران وأسقف العديد من المباني.
وجرى تكليف وزير الداخلية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال، بسام المولوي، يوم الاثنين، من قبل رئاسة الحكومة اللبنانية، بالتواصل مع البلديات في مختلف المناطق اللبنانية بغية مسح المباني المتصدعة بشكل رسمي.
وتسعى الخطوة إلى حث البلديات على تزويد الوزارة بملفات للأبنية المصابة جراء الزلزال الذي حصل في تركيا وسوريا والهزات الأرضية التي حصلت في لبنان في نفس يوم الزلزال.
وقال مستشار نقيب المهندسين للشؤون العلمية والاختصاصي بدراسة المباني والمنشآت لمقاومة الزلازل، يحيى تمساح، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، "وصلتنا إلى نقابة المهندسين العديد من التبليغات عن مبان ظهرت فيها بعض التشققات".
وأضاف "تلك التشققات ليست خطيرة على سكان المباني، لكنها تعتبر مؤشراً على أن هذه المباني معرضة لخطر الانهيار في حال وقوع زلزال شبيه بزلزال تركيا".
أضاف تمساح "نسبة المباني غير المقاومة للزلازل مرتفعة جداً وتتجاوز 80 بالمئة من المباني القائمة حالياً في لبنان".
وتابع "يمكن القول ‘ن نسبة المباني المقاومة للزلازل في لبنان متدنية جداً، علما أن مراسيم السلامة العامة التي صدرت في عام 2013 ألزمت بتنفيذ دراسة المباني لمقاومة الزلازل".
ماذا عن محيط المرفأ الذي تعرض لانفجار قوي ؟
تطرق تمساح الى محيط مباني مرفأ بيروت الذي أصابه انفجار الرابع من أغسطس فأشار إلى ما يلي:
• لم نتلق أية معلومة حول تأثر المباني في محيط مرفأ بيروت بالزلزال، علما أن تلك المباني قديمة وتم تشييدها بالحجر الرملي؛ وهو من أضعف نوعيات المباني المقاومة للزلازل.
• هذه الأبنية لم تعد تشكل خطراً على ساكنيها لأنها رممت ودعمت بالإسمنت المسلح.
في غضون ذلك، قال عضو بلدية طرابلس ورئيس لجنة الأبنية التراثية فيها، خالد تدمري، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، "كنا على وشك التعرض لكارثة كبيرة لو حصل عندنا زلزال بقوة مماثلة لما حصل في تركيا وشمال سوريا".
وأضاف "قبل 8 سنوات وبعد سقوط أحد الأبنية القديمة في منطقة الأشرفية شرق بيروت، تقدم بعض سكان طرابلس بطلبات للبلدية لإجراء كشف على مساكنهم المتصدعة، ومنذ ذلك الوقت ونحن نعد الإحصائيات".
ولخّص تدمري المشهد في شمال لبنان بما يلي:
• تعتبر مدينة طرابلس مهملة منذ عقود ولم تشهد أية عملية تأهيل أو تدعيم لمبانيها التي تعرضت لأضرار كبيرة من جراء الحرب الأهلية في عام 1975 وما تبعها، إضافة الى المخالفات في البناء التي شوهتها وإلى الكوارث الطبيعية التي مرت عليها.
• لم تأخذ المدينة نصيبها من اهتمام الدولة حتى بعد انتهاء الحرب الأهلية.
• تشير الإحصائيات إلى وجود 400 مبنى مهدد بالسقوط منها 65 بحالة الخطر الشديد.
• توقعاتنا في بلدية المدينة أن المباني تفوق 400، خصوصا إذا احتسبنا طرابلس ومحيطها ليصل العدد الإجمالي إلى 1500 مبنى.
• هناك كارثة قد تحل لو حصلت هزة أرضية في طرابلس، حتى بشدة أخف من زلزال تركيا .
• الخطورة تكمن في المجمعات السكنية الكبيرة في الأحياء القديمة وسط طرابلس.
الحكومة هي الراعي الأساسي
وقال تدمري إن الهيئة العليا للإغاثة هي الجهة المخولة الوحيدة من قبل الحكومة اللبنانية التي تستطيع تمويل الدعم وتابع:
• إذا أضفنا بلديتي البداوي وميناء طرابلس سيصل العدد ربما إلى 2000 مبنى متصدع.
• بناء على ما أعلنه رئيس بلدية طرابلس، وصل إلى البلدية قرابة 300 شكوى إضافية على العدد الإجمالي للمباني المتصدعة وعددها 400 في المدينة ليصل عدد الشكاوى إلى 700.
• يرجح أن يكون الرقم أكبر بكثير لأن البعض لا يبلغ عن تصدع مسكنه خوفا من إنذار البلدية بالإخلاء.
الحل؟
وطالب تدمري الجهات الرسمية بالقيام بواجبها تجاه هذه الأبنية التي كان يجب أن يتم تدعيمها على نفقة الدولة بعد انتهاء الحرب الأهلية.
وقال المهندس تدمري إن الزلزال أصاب أحد الجسور الأثرية، حيث ظهرت في جسمه شقوق أدت الى توقف السير عليه وتعهدت وزارة الأشغال، مؤخراً، بترميمه .
وأشار تدمري إلى تشققات في القناطر الأثرية العلوية لمبنى خان الصابون في وسط مدينة طرابلس القديمة، ولم يباشر بأعمال ترميمه بعد.
وشدد على ضرورة الكشف على المعالم الأثرية وعلى محيطها من المباني السكنية في الأزقة الداخلية.
وكشف رئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الدولة سوف تعمل على تأمين المأوى لسكان 18 مبنى على نفقتها من أجل ترميمها.
وقال خير "هذه المباني منتشرة في معظم مناطق مدينة طرابلس شمال البلاد".
وأكد خير أن " المباني في المدينة تعرضت لتشققات من جراء الزلزال وهي ناتجة أيضا عن عوامل الطبيعة وعن قلة جودة المباني منذ إنشائها".