يسعى مستثمرون في صناعة الجلود بالسودان للاستفادة من المقومات الكبيرة المتوافرة في بلادهم التي تعتبر واحدة من أكبر منتجي الثروة الحيوانية في العالم بنحو 140 مليون رأس من الأبقار والأغنام التي تتميز بجلود ذات جودة عالية وطلب كبير في السوق العالمي لصناعة الجلود الذي يقدر حجمه بنحو 45 مليار دولار.
ويؤكد الخبير البيطري حسن بشير الذي شغل مواقع قيادية في وزارة الثروة الحيوانية خلال السنوات الماضية، أنه بإمكان السودان رفع طاقته الإنتاجية الحالية من الجلود المدبوغة التي لا تتعدى 4 ملايين قطعة حاليا إلى أكثر من 15 مليون قطعة سنويا، إضافة إلى إنتاج نحو 120 ألف طن من الجلاتين بقيمة تصل إلى أكثر من مليار دولار.
وقال بشير لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الوصول إلى هذه الأرقام يتطلب توفير بنية تحتية قوية للصناعة المحلية إضافة إلى تنفيذ سياسات صارمة تمنع تصدير الحيوانات الحية وتصنيع اللحوم محليا ومن ثم تصديرها وهو ما يمكن أن يرفع قيمة صادرات المنتجات الحيوانية بما فيها اللحوم وملحقاتها والجلود والجلاتين إلى ما لا يقل عن 10 مليار دولار سنويا.
عقبات وتحديات
رغم قدم تاريخها وتوافر كافة المقومات، إلا أن أداء صناعة الجلود في السودان لم يرتقي للمستوى المطلوب وظلت مثل غيرها من القطاعات الصناعية الأخرى تعاني من مشكلات كبيرة، تفاقمت أكثر خلال الفترة الأخيرة في ظل ارتفاع تكلفة الإنتاج بسبب مضاعفة الضرائب والرسوم الجمركية والخدمية بأكثر من 500 في المئة.
وأشار محمد علي المدير العام لمصنع روبتان للمنتجات الجلدية وعضو شعبة الصناعات الجلدية في اتحاد الصناعات السوداني، إلى العديد من المشكلات التي تواجه صناعة الجلود في السودان، وقال لموقع "سكاي نيوز عربية": "رغم الأهمية الكبيرة لقطاع صناعة الجلود والقيمة المضافة الضخمة التي يمكن أن يرفد بها الاقتصاد السوداني إلا أن القطاع يعاني من عدم توفر البنية التحتية اللازمة ونقص التمويل، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج التي تقلل من تنافسية المنتج السوداني في الأسواق العالمية".
وأضاف علي الذي يشغل أيضا منصب الأمين العام لغرفة تجارة المنتجات الجلدية: "بسبب الصعوبات العديدة التي واجهها قطاع صناعة الجلود فقد تراجع عدد المدابغ من 20 قبل نحو عامين إلى 10 فقط في الوقت الحالي".
ويرى علي أن الضرائب الباهظة والرسوم الجمركية العالية المفروضة حاليا تشكل عائقا كبيرا أمام تقدم الصناعة، خصوصا أن 20 من 21 مادة كيميائية تستخدم في دباغة الجلود يتم استيرادها من الخارج.
ويتفق محمد هارون، وهو من كبار المستثمرين في مجال دباغة الجلود، مع ما ذهب إليه علي، لكنه يشير إلى نقطة مهمة وهي الارتفاع الكبير في مجال الجلود المهدرة إما بسبب التهريب وغياب الدور الرقابي للدولة أو بسبب عدم توافر المسالخ الكافية التي تضمن سلامة الجلود.
وبيّن هارون في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "تهدر نحو 50 في المئة من الجلود بسبب مشكلات تتعلق بعدم المتابعة البيطرية أو التهريب إلى بلدان في المنطقة بقية إعادة تصنيعها هناك".
وأجمع من تحدثوا لموقع "سكاي نيوز عربية" على أن السودان يمتلك المقومات التي يمكن أن تعزز مكانته في سوق الجلود العالمي بشرط أن تضطلع الدولة بدورها في حل المعضلات الكبيرة التي تواجه القطاع وتعمل على تطبيق سياسات تشمل تبني سلاسل القيمة للمنتجات الحيوانية بما يؤدي إلى رفع عائد الصادرات، وسنّ التشريعات التي تمنع هدر وتهريب الجلود إضافة إلى تخفيف العبء الضريبي على المنتجين والاهتمام بالتدريب ونشر ثقافة الجودة.