شهدت الساحة السياسية في ليبيا الأيام الأخيرة تحركات مكثفة من الجانبين الروسي والأميركي، وصلت لحد التسابق على إجراء لقاءات مع أطراف ليبية وعربية فاعلة، بعضها لم يحدث منذ سنوات طويلة.
ويرصد خبراء تحدثوا لموقع "سكاي نيوز عربية" دوافع التحرك الروسي الأميركي بهذه الكثافة وهذا التوقيت، وهي تتعلق بتمدد أنشطة شركة "فاغنر" لتوريد المرتزقة، والوجود الروسي على سواحل البحر المتوسط.
زيارات أميركية نادرة
الأسبوع الماضي، زار مدير وكالة الاستخبارات الأميركية "سي آي إيه"، وليام بيرنز، ليبيا والتقى المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي وعبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة المنتهية ولاياتها.
كان محور النقاشات مع الطرفين هو إخراج المرتزقة من ليبيا، والوصول إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية وتوحيد الجيش الليبي في أسرع وقت.
كما كشفت السفارة الأميركية لدى ليبيا، أن المشير حفتر التقى مسؤولين أميركيين في مدينة بنغازي شرقي ليبيا، هم القائم بأعمال السفارة ليزلي أوردمان، ونائب قائد القوات الجوية الأميركية في إفريقيا الجنرال جون دي لامونتاني.
أوضحت السفارة في تغريدة عبر حسابها على "تويتر"، أن لقاء حفتر مع ضيوفه الأميركيين خصص للتباحث بشأن التنسيق الجوي بما في ذلك الطيران، وأهمية إعادة توحيد الجيش الليبي تحت قيادة مدنية منتخبة ديمقراطيا.
تحرّك روسي سريع
تزامنا مع التحركات المكثفة الأميركية في ليبيا، كانت هناك لقاءات مكثفة عقدها مسؤولون روس أيضا بشأن ليبيا.
حسب بيان لوزارة الخارجية الروسية فإن التطبيع في ليبيا كان على رأس مباحثات الوزير سيرغي لافروف، مع سفراء عرب وممثلي جامعة الدول العربية في موسكو، ضمن توجه روسي قوي لتمتين العلاقات مع الدول العربية الفترة المقبلة.
ماذا تريد روسيا وأميركا؟
يعلق المحلل العسكري الليبي شريف عريقيب، بأنه لأول مرة نجد مسؤولين رفيعي المستوى بهذا الشكل يجرون لقاءات مكثفة مع كل الأطراف الليبية منذ عام 2021.
منذ مقتل السفير الأميركي في بنغازي عام 2012 لم يزر ليبيا مسؤولون أميركيون، واكتفت واشنطن بنشاط الدبلوماسيين؛ ما يعني أن هذه اللقاءات في هذا التوقيت لها كثير من الدلالات، حسب عريقيب.
هذه الدلالات:
- هناك صراع سياسي كبير قد يطرأ في ليبيا على خلفية الصراع الأميركي الروسي الذي يشهده العالم حاليا.
- كل المؤشرات توضح أن محور اللقاءات كان الوجود الروسي في الأراضي الليبية المتمثل في مقاتلي شركة فاغنر الروسية.
- واشنطن تريد التخلص من هذا الصداع؛ لأن "فاغنر" تتمدد من بوابة ليببا بشكل كبير داخل إفريقيا بعد الفراغ الذي أحدثه الانسحاب الفرنسي العسكري من دول مثل مالي.
تتولى شركة "فاغنر" مهام دعم بعض الأنظمة الحاكمة في إفريقيا وغيرها أمام حركات التمرد والجماعات الإرهابية، بينما يقول خصوم موسكو إنها خلف هذه الستارة تفرض وجودا عسكريا روسيا في هذه الدول يحل محل الوجود الأوروبي القديم، وتستحوذ على مناجم المعادن الثمينة.
التمدد عبر البحار
يتفق المحلل السياسي الليبي إبراهيم الفيتوري، في أن الصراع الأميركي-الروسي هو الذي دفع الجانبين لعقد لقاءات مكثفة بشأن ليبيا.
بجانب تمدد موسكو داخل إفريقيا، أصبحت لديها سواحل على البحر المتوسط تستطيع إثارة القلق لحلفائها منها، والهيمنة على نقاط حيوية في العالم.
كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، أعلن يوليو الماضي العقيدة البحرية الجديدة لأسطول بلاده، وشملت الوجود الروسي في البحار والمحيطات عبر العالم، ومنها البحر المتوسط، حماية للأمن القومي أمام تمدد قوات الخصوم من دول حلف الناتو.