تتسبب العيوب الهندسية لبعض الطرق السريعة في السودان إضافة إلى الزحف الصحراوي المستمر في رفع معدلات الحوادث المرورية المميته في البلاد، وسط تقديرات ببلوغها ألفي حالة سنويا أي بمعدل 5 حالات في اليوم.
وإضافة إلى الخسائر البشرية الكبيرة التي تتسبب فيها حوادث الطرق السريعة؛ تتحمل شركات التأمين أعباء مالية ضخمة من جراء تلك الحوادث.
ووفقا لتقرير حديث صادر من هيئة الرقابة على التأمين في السودان، فإن قطاع السيارات يشكل أكثر من 45 في المئة من إجمالي حجم مطالبات التعويض السنوية التي تدفعها شركات التأمين العاملة في البلاد، وعددها 16.
وتتفاقم المشكلة أكثر في ظل انعدام وسائل الإنقاذ السريعة وقلة المستشفيات أو بعدها الشديد أحيانا عن مناطق وقوع الحوادث.
ويكاد لا يمر يوم في السودان دون أخبار محزنة عن مقتل أسرة بكاملها أو العشرات من المسافرين على الطرق السريعة؛ مما فتح جدلا كبيرا حول كفاءة تلك الطرق والأسباب التي أدت إلى عدم الالتزام بمعايير السلامة عند تعبيدها.
طرق الرعب
وتتزايد المخاوف من السفر على الطرق السريعة في السودان، بسبب تسجيل الحوادث المميتة باستمرار، خصوصا على طريقي شريان الشمال الرابط بين العاصمة الخرطوم والحدود المصرية في شمال البلاد، وطريق الإنقاذ الغربي الممتد على طول ألف كيلومتر حتى مدينة الفاشر.
يقول مختصون إن السبب الرئيسي الذي يقف وراء تلك الحدوث يعود إلى عمليات الفساد الكبيرة التي صاحبت تنفيذ تلك الطرق. ويشيرون إلى أن المخالفات التي وقعت في تنفيذ بعض الطرق السريعة لا تنفصل عن عمليات الفساد التي طالت البلاد خلال الأعوام الثلاثين الماضية والمقدرة بمئات المليارات من الدولارات.
تكشفت خلال الفترة الأخيرة، الكثير من العيوب الفنية والهندسية في تلك الطرق؛ خصوصا في طريقي الإنقاذ الغربي وشريان الشمال المتأثر بموجات الزحف الصحراوي التي لم يتم وضعها في الحسبان عند تنفيذه.
واستغرب عيسى عبد اللطيف، المستشار في العناية بالبيئة واستدامة التنمية، أن يتم تنفيذ طريق مثل شريان الشمال دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتقليص التأثيرات البيئية.
وأضاف عبد اللطيف في تصريح موقع "سكاي نيوز عربية"، أنه "على الرغم من علم الجهات المعنية بطبيعة المنطقة التي يمر بها طريق شريان الشمال؛ إلا أن الغريب في الأمر هو تنفيذه دون إقامة أي نوع من الحواجز الخضراء أو الخرسانية التي تمنع وصول الرمال إليه".
ويصف عبداللطيف عملية عدم وضع حواجز على جانبي الطريق بالكارثة والخطأ الكبير الذي تسبب في خسائر بشرية ومادية كبيرة، من جراء حوادث المرور المتكررة التي يتسبب فيها الزحف الصحراوي.
معضلة الفساد
في المنحى نفسه، يوضح عبد الله - الذي اكتفى باسمه الأول والذي عمل لأكثر من 20 عاما مهندسا في مجال الطرق؛ أن عمليات الفساد تبدأ من مرحلة إسناد المشروع حيث كانت عمليات التنفيذ تمنح لشركات يمتلكها نافذون في النظام السابق وليست لديها الخبرة الكافية.
ويقول عبدالله لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن المشكلة لا تكمن في المخططات الأولية التي تأتي في الغالب مكتملة بل تكمن في التنفيذ، حيث تعمل تلك الشركات على التلاعب في المواصفات وتقليل الإنفاق من أجل زيادة هامش الربح دون اكتراث بالمآلات الخطيرة التي تؤدي إلى فقدان آلاف الأرواح والتسبب في خسائر كبيرة لشركات التأمين.
ويشير عبد الله إلى أن طريق شريان الشمال بات من أخطر الطرق إذ تتسبب موجات الزحف الصحراوي المستمرة في الكثير من الحوادث ،خصوصا في الفترة الليلية حيث تقل الرؤية كثيرا.
ودفعت الحوادث المتكررة بعض المنظمات غير الحكومية، إلى المبادرة لتنفيذ مشروعات تقلص تأثير الزحف الصحراوي على الطرق.
في هذا السياق؛ يقول مجدي بخيت، مدير منظمة "عزائم السودان" لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن المنظمة شرعت في العمل مع عدد من الجهات المختصة لعمل مصدات خضراء تمتد لمئات الكيلومترات على طريق شريان الشمال، في محاولة لوقف الآثار الكارثية التي تأتي من الزحف المستمر للرمال على طول الطريق الذي يعد أحد أهم الطرق السريعة إذ يربط العاصمة الخرطوم بأكثر من 15 مدينة في شمال البلاد، ويمتد بعدها ليصل حتى الحدود المصرية.