رصد تقرير إيطالي النشاطات الإجرامية التي تمارسها الميليشيات المسلحة في غرب ليبيا، منذ 10 سنوات، بدأت بسيطرتها على المؤسسات الرسمية، ووصلت إلى تحولها لأساليب وأدوار المافيا في أسوأ صورها.
التقرير صدر عن المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، بدعم من وحدة تخطيط السياسات في وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإيطالية، في توقيت يتزامن مع اهتمام روما بليبيا كمورد محوري للطاقة إلى أوروبا، الساعية للتخلص من الواردات الروسية.
"كارتل طرابلس"
ويرصد الباحثون خلال التقرير مراحل تحول الجماعات المسلحة:
- بدأت المجموعات بالسيطرة على المراكز المالية في العاصمة طرابلس، مثل البنوك.
- تحولت إلى ما يشبه "كارتل" عصابي يفرض "إتاوات حماية" على الشركات والجهات، وتعمل في السوق السوداء، بحسب الباحثة في المعهد، إليونورا أرديماغني.
- "اندماج" المليشيات مع "المؤسسات الممزقة" جعلها "صاحبة الكلمة"؛ إذ تضرب أرديماغني مثالا بميليشيا عبد الغني الككلي الشهير بـ"غنيوة"، وميليشيا الردع بقيادة "عبد الرؤوف كارة" التي تعمل كقوات أمنية، فيما تدخل مجموعات في مؤسسات دينية بالبلاد، مما يعكس حالة الدولة الممزقة بالغرب الليبي.
- الميليشيات دخلت مرحلة "المافيا"، مستغلة حاجة السياسيين لها في مواجهة خصومهم، فأصبح الشباب المسلحون الذين برزوا عام 2012 كـ"مجرمين تقليدين"، أشخاصا يظهرون بكل "أناقة"، مع استخدام العنف بـ"شكل منظم" في الشارع، كما يقول الزميل الأول في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمجلس الأوروبي، طارق المجريسي.
- أصبح في غرب ليبيا "نظام تعايش مع العنف، حيث نمت الجماعات المسلحة في القوة، عبر الهيمنة على أصول الدولة أو الأعمال التجارية، وتفاقم الأمر مع دعم مصرف ليبيا المركزي لها"، وفق المجريسي.
- "لم يعد المال كافيا، إذ تبحث المليشيات عن الثروة والسلطة، فدخلت في منظومتي الداخلية والدفاع في الغرب، وفاقم الأزمة تفاهم الأوروبيين معهم في قضية المهاجرين"، كما يقول الباحث.
أبرز أنشطة التمويل
1. التهريب.. والـ12 مليار دولار
ولتوضيح الصورة أكثر فيما يتعلق بمصادر تمويل هذه الميليشيات، تقول المستشارة في كلية كينغز لندن، أماندا كادليك:
- "التهريب يعد المصدر الأساسي لتربح الميليشيات، التي خلقت نظاما اقتصاديا موازيا يتسبب في خسارة البلاد 12 مليار دولار سنويا".
- "الميليشيات تستغل سيطرتها على موانئ ومطارات في توجيه عمليات التهريب، فحتى إذا لم تكن متورطة مباشرة، فهي تفرض ضريبة على المهربين للسماح لهم بالتحرك في مساحة سيطرتها، وتسبب هذا في صراع بين الميليشيات الساعية للسيطرة على سلاسل التهريب".
- "في ميناء مدينة الزاوية، يُنقل الوقود المدعوم بحماية غطاء سياسي من شخصيات معروفة في طرابلس، تستفيد من بيعه بسعر مرتفع في الخارج".
- "لا يقتصر هذا على الخارج، إذ يباع الوقود في الداخل، خاصة جنوبا، بخمسة أضعاف سعره.
2. تجارة البشر
- "الميليشيات استغلت خطوط الهجرة غير الشرعية المنطلقة من دول في إفريقيا إلى أوروبا، في خلق تجارة هي الأسوأ، وهي تجارة البشر، تحت غطاء السلطات"، كما ترصد كادليك.
- يتورط في تلك العمليات قادة ميليشيات مثل عبد الرحمن ميلاد "البيجا"، آمر لمعسكر بالأكاديمية البحرية بجنزور، رغم أنه ملاحق بالعقوبات من الأمم المتحدة والحكومات الأوروبية.
- أيضا محمد الخوجة، نائب رئيس جهاز الهجرة الغير شرعية، الذي كان يرأس مركز إيواء للمهاجرين في طريق السكة "سيء السمعة"، وسجلت فيه جرائم، والحديث للباحثة.
الخلاصة
ويخلص التقرير إلى أن إنهاء هذه الأوضاع يحتاج "إصلاحات اجتماعية واقتصادية للأسباب التي أدت لانتشار الميليشيات"، مشيرا إلى أن الحل "لا يمكن أن يتم إلا أيضا باستخدام القوة، من أجل تحقيق احتكار الدولة للسلاح".