مرت الذكرى السنوية الـ79 لعيد الاستقلال في لبنان، الثلاثاء، من دون تنظيم احتفالات رسمية تليق برمزية المناسبة، جراء استفحال أزمة الشغور الرئاسي التي دخل البلد في دوامتها إثر انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، في 31 أكتوبر الفائت، بالتزامن مع ارتفاع حدة معاناة اللبنانيين، للعام الثالث على التوالي، من تداعيات أسوأ أزمة اقتصادية واجتماعية يشهدها العالم بأسره منذ القرن التاسع عشر.
ومن المقرر أن يعقد البرلمان اللبناني، يوم الخميس، الجلسة السابعة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، في ظل عدم ظهور أي مؤشرات إيجابية على إمكانية تجاوز "مطبات" الجلسات الستّ السابقة التي أدت، خلال الأسابيع القليلة الماضية، إلى الإخفاق في انتخاب الرئيس.
المعضلة الداخلية
بحسب نتائج استبيان سريع للرأي، أجراه موقع "سكاي نيوز عربية" مع فئات مختلفة تعبّر عن وجهات نظر "الأفرقاء المتناحرين" في إطار ما يُسمى بـ"الديمقراطية التوافقية اللبنانية"، فإن المعضلة الحالية في لبنان تبدو داخلية أكثر مما تبدو خارجية، بناءً على المعطيات التالية:
- عدم اتضاح فحوى مواقف رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل حيال منافسه الوحيد، الوزير السابق سليمان فرنجية، وبالتالي حيال ما يراهن عليه "حزب الله" وفقا لبارومتر قياس فرص المتنافسَين بالوصول إلى سدة الرئاسة.
- تأكيد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع على تراجع قدرة "حزب الله"، هذه المرة، في مجال فرض مرشحه للوصول إلى قصر بعبدا، وإلا لكان فعلها منذ اللحظة الأولى، باعتبار أن موازين القوى داخل المجلس النيابي تغيّرت وكذلك الظروف والمعطيات.
- إعلان جعجع، أيضا أن "تكتل الجمهورية القوية" يمكن أن يتغيّب عن جلسة أو بضع جلسات.
نوايا صادقة
وسط هذه الأجواء، هنّأ رئيس الرابطة الثقافية في مدينة طرابلس، الصحفي رامز الفري، اللبنانيين بمناسبة عيد الاستقلال، معربا عن أسفه الشديد لغياب الاحتفال الرسمي والعرض العسكري بهذه المناسبة الوطنية بسبب عدم انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية.
وانتقد الفري في مداخلة مع موقع "سكاي نيوز عربية" ما وصفه بـ"الخفة التي يتعاطى بها بعض نواب الأمة تجاه الاستحقاق الرئاسي المصيري بالنسبة إلى كافة اللبنانيين، مؤكدا على النقاط التالية:
- في ظل الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والصحي الذي لم نشهد له مثيلا، منذ الاستقلال، لم تعد الأوضاع الراهنة تحتمل هذا التسويف وهذه اللامبالاة في انتخاب رئيس جديد.
- الدولار الأميركي الذي وصل سعر صرفه، حاليا، إلى عتبة الـ40 ألف ليرة لبنانية، مقارنة بما كان عليه الحال، خلال فترات الشغور الرئاسي الأخيرة (2014-2016)، عندما كان ثابتا عند سقف الـ1500 ليرة، بات يحتّم على مجلس النواب الاضطلاع بمسؤولياته تجاه الوطن والشعب، ليبادر فورا بانتخاب رئيس جديد يكون على قدر طموحات اللبنانيين، مع البدء الفوري بعملية الإصلاح واستئصال الفساد من جذوره.
المواقف الخارجية
في انتظار انعقاد جلسة مجلس النواب، الخميس، لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، برزت عدة مواقف عربية ودولية، تمثلت في التالي:
- المناخات الإيجابية التي عكستها محادثات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في بانكوك، على هامش قمة بلدان آسيا وجزر المحيط الهادئ، بحسب ما كشف عنه قصر الإليزيه قبل يومين.
- الإشارة إلى أن الفرنسيين سيقومون بجولة جديدة مع القوى السياسية اللبنانية، قبل اجتماع ماكرون المقبل مع الرئيس الأميركي جو بايدن، وسط معطيات تفيد بأن لبنان سيكون بندا رئيسيا في الاجتماع.
- تأكيد مصادر ديبلوماسية في باريس على "وجود توجّه جدي لدى بعض الدول لإطلاق جهود مشتركة فيما بينها، لإنضاج تحرّك عاجل حيال الملف الرئاسي في لبنان يسرّع في انتخاب رئيس للجمهورية العام المقبل.
- إعلان مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، باربارا ليف، في تصريحات جديدة حول لبنان، أن "عدم انتخاب رئيس للجمهورية سيودي بلبنان إلى فراغ سياسي غير مسبوق، ما ينذر بانهيار الدولة مجتمعيا.
جهوزية الجيش
يذكر أن قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون لفت العسكريين، الاثنين، إلى أن "عيد الاستقلال التاسع والسبعين يطل علينا فيما وطننا يمر بظروف استثنائية تتطلب من الجميع، مسؤولين ومواطنين، الوعي والحكمة والتحلّي بالمسؤولية والتعاون من أجل المصلحة الوطنية العليا، في انتظار استقامة الوضع السياسي واستعادة انتظام المؤسسات".
كما يُشار أيضا إلى أن العماد عون أكد في كلمته، عشية عيد الاستقلال، أن "الجيوش تُبنى للأوقات العصيبة، وقوّة لبنان ووحدته من قوّتكم، واعلموا أن ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي بكم هي أسطع برهان على أهمية دوركم".