بعد 3 سنوات من الغياب عن عقدها حضوريا جراء جائحة كورونا، اجتمع قادة الدول الناطقة بالفرنسية في القمة "الفرانكفونية"، اليوم السبت، بجزيرة جربة التونسية، لمناقشة قضايا بارزة في خضم التحولات السياسية والاقتصادية والثقافية الكبيرة التي تضرب العالم في الآونة الأخيرة.
وشارك في القمة التي تعقد على مدار يومين، رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية من 89 بلدا، على رأسهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، والرئيس التونسي قيس سعيد، ورؤساء ثماني دول إفريقية. وهو الاجتماع السنوي الثامن عشر للمنظمة الدولية للفرانكوفونية التي تستهدف تعزيز العلاقات بين الدول التي تستخدم اللغة الفرنسية كلغتها الأساسية.
وتحتفل المنظمة الفرانكفونية بالذكرى الخمسين لتأسيسها. وكانت تونس -البلد المستضيف للقمة- من الدول المؤسسة للمنظمة في العام 1970 إلى جانب السنغال ونيجيريا وكمبوديا، في وقت تشارك فيه دول غير منضوية في المنظمة بالقمة الحالية مثل دولة الإمارات ومصر ومولدافيا وصربيا.
وأوضح مسؤولون ومراقبون، أن تلك القمة تأتي في توقيت دولي عصيب، إذ تناقش:
- تداعيات حرب أوكرانيا وعلى وجه التحديد نقص الغذاء والطاقة وسط أزمة غلاء المعيشة المتصاعدة في جميع أنحاء إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط.
- من المتوقع إعادة انتخاب الأمينة العامة للمنظمة الرواندية لويز موشيكيوابو لأربع سنوات جديدة، وهي المرشحة الوحيدة لهذا المنصب.
- تخفيف الديون عن الدول النامية.
- أزمة الهجرة.
وقالت الأمينة العامة للمجموعة ووزيرة الخارجية الرواندية السابقة، لويز موشيكيوابو، إن المشاركين يخططون لإصدار إعلان ختامي حول القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية الرئيسية بعد انتهاء القمة يوم الأحد.
وأوضحت أنهم سيركزون أيضا على طرق تعزيز استخدام اللغة الفرنسية في جميع أنحاء أوروبا وفي المؤسسات الدولية مع انخفاض استخدامها مقارنة باللغة الإنجليزية.
ودعت المشاركين إلى دعم إصلاحات المجموعة التي تهدف إلى تمكين الدول الأعضاء من مواجهة التحديات بشكل أفضل في قضايا مثل الأمن وتغير المناخ والمساواة بين الجنسين.
دعم لتونس
أعلن الرئيس الفرنسي لنظيره التونسي قيس سعيد، أن بلاده ستمنح قرضا قيمته 200 مليون يورو (نحو 206 مليون دولار) لتونس، والتي تمر بأزمة اقتصادية عميقة تفاقمت بسبب حرب أوكرانيا.
وجاء لقاء الرئيسين على هامش انعقاد قمة الفرنكوفونية للتأكيد على أن بإمكان المنظمة الفرنكوفونية لعب "دور مهمّ" على النطاق الدولي لحلّ الأزمات الراهنة.
قوى ناعمة
من جانبه، يرى الخبير المتخصص في العلاقات الدولية، أيمن سمير، أن استضافة تونس لهذه القمة بعد تأجيلها جراء أزمة كورونا هو نجاح كبير للدولة التونسية ورئيسها قيس سعيد، جراء الحضور الدولي المكثف لقادة وزعماء العالم في هذه القمة، وحتى بعض الدول التي ليست منضوية في المنظمة.
وقال سمير، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، إن "المنظمة بالأساس تجمع ثقافي يهتم بانتشار اللغة والثقافة الفرنسية التي يتحدث بها الآن حوالي 350 مليون ناطق بالفرنسية في العالم، لكن التحولات الكبيرة في العالم على المستويين السياسي والاقتصادي ستدفع القمة للاهتمام أكثر بالسياسة والاقتصاد الجديد خصوصا الطاقة الجديدة والمتجددة".
وأوضح أن "هناك سعيا لأن تكون الفرنكوفونية جسرا للتواصل ليس فقط للناطقين بالفرنسية ولكن بين كل دول العالم خصوصا أن هناك دولا تحظى باحترام كبير للغاية مثل فرنسا وكندا ودول إفريقية، وهذا يساعد المنظمة أن تلعب دورا دوليا مؤثرا".
لكن خبير العلاقات الدولية، يرى أن المنظمة بحاجة للتقدم في عدد من المسارات:
- دعم ميزانية المنظمة وأمانتها العامة لأن 100 مليون دولار ميزانية ضعيفة ولا تساعدها في القيام بأدوار دولية.
- أن تكون هناك شراكة حقيقية مع المنظمات الأخرى مثل الاتحاد الأوروبي أو الإفريقي أو جامعة الدول العربية بما يحقق لها انتشارا دوليا.
- خلق كيانات جديدة ترتبط بالفرنكوفونية بأجندة إنسانية ليعطيها حضورا وزخما كبيرا على الساحة الدولية.
- الخروج من الانحصار في العباءة الثقافية حتى يكون لها حضور سياسي وخطوط تواصل بين الدول المنضوية تحت راية المنظمة.