تسعى مصر لاستعادة أمجاد الستينيات في صناعة الخامات الدوائية، حيث امتلكت الدولة المصرية عام 1960 شركة النصر للكيماويات الدوائية، والتي اعتبرت الوحيدة في مصر والشرق الأوسط التي تنفرد بإنتاج هذا النوع من الخامات والمستحضرات الصيدلانية.
كان الهدف من إنشاء شركة النصر للكيماويات الدوائية سد احتياجات مصر من الأدوية والمضادات الحيوية، والتي يتطلب توافرها في جميع الأوقات، لأنها تعتبر من المواد الاستراتيجية الهامة التي تهتم الدول بإنتاجها.
3 مصانع متطورة
أعلن رئيس شركة صحة الطبية محمد سليم خلال فعاليات الملتقى والمعرض الدولي الأول للصناعة السبت الفائت، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، افتتاح مدينة الخامات الدوائية في الربع الأول من 2024.
وتضم المدينة 3 مصانع:
"فارما تاو" لصناعة الخامات الدوائية من مصادر كيميائية مُخلّقة.
"هيربال" لصناعة الخلاصات من النباتات الطبية ومصادر طبيعية.
"سيترو إيجيبت" لصناعة المواد الكيماوية خاصة السيتريك أسيد ومشتقاته.
ومنذ 2014، تسير الدولة المصرية بخطوات ثابتة نحو استعادة الهدف، مع إدراك أن الوصول إلى المنتج النهائي يتطلب المرور بخطوات عديدة وهو ما فعلته مصر كالآتي:
- مارس 2021: أطلقت مصر مشروع استراتيجية توطين صناعة الدواء والذي يهدف لترسيخ التصنيع المحلي للأدوية، والتي تدفع نحول التوسع بإنشاء وتطوير المراكز البحثية الطبية، وتحفيز إنشاء الصناعات الدوائية وزيادة المكون المحلي، والتوجه نحو تصنيع الخامات الدوائية.
- أبريل 2021: افتتحت مصر مدينة الدواء المصرية والتي تعد واحدة من أكبر مدن تصنيع الدواء بالشرق الأوسط، وتهدف لتحويل مصر إلى مركز إقليمي لتصنيع وتصدير الأدوية بالشرق الأوسط.
- أكتوبر 2022: الإعلان عن افتتاح مدينة الخامات الدوائية والتي تضم 3 مصانع، وذلك خلال الربع الأول من عام 2024.
خروج من المنافسة
أشار عضو مجلس الشيوخ وعضو مجلس إدارة غرفة صناعة الأدوية، الدكتور محيي حافظ، إلى أن صناعة الخامات الدوائية صناعة هامة للغاية، وبدأها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، في أواخر الستينيات.
وأكد حافظ في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" أن مصر كانت متقدمة في تلك الصناعة، ولا زالت شركة النصر للكيماويات الدوائية تنتج هذه الخامات ولكنها خرجت من المنافسة قليلا لارتفاع الأسعار، وبعض المواصفات الفنية في المصنع وليس في الخامة.
وأضاف أن: "مدينة الخامات الدوائية تتبلور في إعادة إحياء منظومة خامات الأدوية لامتلاك القدرة نحو نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعة في مصر".
وكشف أنه يمكن البناء على مركب دوائي جديد تم اختراعه في الكلية أو المعمل، والعمل على تطوير في العملية الإنتاجية، في حالة امتلاك القدرة على إنتاجه بكميات كبيرة، وهو ما يمثل همزة الوصل بين البحث العلمي وصناعة الخامات.
العودة من جديد
ولم يختلف رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية المصرية، الدكتور علي عوف، مع الدكتور حافظ، موضحا أن شركة النصر للكيماويات الدوائية بدأت في الانحدار بعد فترة السبعينيات، حيث أن الآلات الخاصة في إنتاج الخامات الدوائية قديمة ولم تعد متطورة.
وبيّن عوف في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن العودة إلى مشهد صناعة الخامات الدوائية يحتاج إلى أمرين:
الاستثمارات المرتفعة عبر مشروع قومي تدعمه الدولة المصرية، لأنه من الممكن إنتاج مادة خام تستوردها من الخارج بـ 5 آلاف دولار، ليتم إنتاجها محليا بألف دولار فقط، ونكون حققنا توفيرا في العملة الصعبة، وأصبحت منتجا محليا.
القضاء على الاحتكار، وفتح سوق التوازن الدوائي: في 2022 تمتلك مصر ألفين مصنع وشركة دوائية، بعائد 100 مليار جنيه حوالي 80 مليار منهم هم دخل 20 شركة فقط من الألفي شركة، وفقا لإحصائية شعبة الأدوية التابعة للغرف التجارية.
وعن منظومة التسجيل الدوائي، أكد عوف أن هناك بعض العوائق اللوجيستية والعقبات في التسجيل تؤدي إلى أزمات، قد يصل حلّها لـ 4 أو 5 أعوام.
ورغم كل تلك العقبات، يرى عوف أن مصر تسير في الطريق الصحيح نحو توطين الصناعة، حيث إنها تغطي نسبة 92 في المئة من احتياجات الدواء وهي أعلى نسبة على مستوى العالم وفقا لوصفه، مؤكدا "عدم وجود أي أزمات في أي دواء، حتى في ذروة أزمة كورونا لم يكن هناك نقص في أي دواء أساسي".