فيما تتواصل حالة الانسداد السياسي التي يعيشها العراق، على وقع الفشل في تشكيل حكومة جديدة بعد انتخابات أكتوبر من العام الماضي، أكد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، صعوبة تشكيل حكومة لا ينضوي ضمنها التيار الصدري، مشددا على أن "الجميع يعرف أن أي حكومة لا تضم الصدر ستواجه تحديات ضخمة".
"استبعاد الصدر قد يؤدي إلى تكرار سيناريو أكتوبر 2019، أو ما هو أسوأ حتى".. مصطفى الكاظمي.
تأتي هذه التصريحات فيما تتضارب المعلومات والمؤشرات حول قرب عقد جلسة للبرلمان، للبدء في هندسة التشكيلة الحاكمة المقبلة بغياب الصدر.
"تشخيص سليم".. بهذه الكلمات وصف مراقبون كلام الكاظمي، معتبرين أنه "يكاد يكون من المستحيل المضي في تشكيل الحكومة، بينما التيار الصدري العريض غائب عنها".
كما رأوا أن "التحذير من إعادة إنتاج مشهد مظاهرات (حراك تشرين)، في محله تماما"، والتي على إثرها سقطت حكومة عادل عبد المهدي، وأنه "لا بديل عن التوافق والاتفاق مع الصدر".
حلقة الأزمة المفرغة
في الوقت نفسه، أشار محللون بتشاؤم إلى صعوبة التوصل لتوافقات بين طرفي الأزمة في البيت الشيعي خصوصا، وهما التيار الصدري والإطار التنسيقي، للذهاب نحو تشكيل الحكومة سوية، مما يعني، وفقهم، بقاء الأزمة السياسية على حالها دائرة في حلقة مفرغة، في ظل انكفاء الصدر وتردد بقية القوى في التوصل لاتفاقات دونه، تحسبا لرد فعله .
وقال مدير مركز التفكير السياسي في بغداد، إحسان الشمري، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية":
- "القوى السياسية جميعها مدركة أن أية حكومة مقبلة، وأي معادلة سلطة جديدة، لن يكتب لهما النجاح دون الصدر".
- "علاوة على الثقل الشعبي الذي يتمتع التيار الصدري به، فإن موقفه المتمنع عن الاشتراك في السلطة ونقده اللاذع لها، سيحفز القوى السياسية الجديدة وقوى الحراك المجتمعي، وربما يدفعها للقيام بمظاهرات شعبية ضد الحكومة المقبلة، مما سيعيق بشكل جدي عملها وربما يصيبها بالشلل".
خطوة استفزازية
- الشمري أوضح كذلك أن "الأطراف السياسية التي تعتزم المشاركة بتوليفة الحكم الجديدة، قد تسعى لعقد نوع من التسوية مع الصدر قبل ذهابها لتشكيل الحكومة".
- "لكن رغم ذلك، قد تكون هناك خطوة استفزازية له باتجاه عقد جلسة مجلس النواب والذهاب نحو تشكيل تحالفات سياسية جديدة، تمهد للاتفاق على الحكومة وتوزيع حصصها ومناصبها"، وفق الشمري.
شروط المنتصر
من جانبه، علّق الكاتب والمحلل السياسي العراقي، علي البيدر، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، على الأزمة، قائلا:
- "المنظومة السياسية عامة، وقوى الإطار التنسيقي على وجه الخصوص، تسعى بلا ريب للمضي قدما بإجراءات تشكيل الحكومة، لكنها في الوقت نفسه تخشى ردة فعل الصدر الغاضبة".
- "الصدر يقدم شروطا تعجيزية بالنسبة لها، أو يقدم شروط المنتصر رغم انسحابه، فهو مثلا يريد الإبقاء على مفوضية الانتخابات وقانونها، وهما اللذان قادا لتراجع حظوظ الإطار خلال الانتخابات الأخيرة، وقس على ذلك بقية الشروط".
- "الإطار والتيار لا يقدر أيهما بمفرده على فرض إرادته وتشكيل الحكومة لوحده دون الآخر، وليستعصي الانسداد السياسي أكثر مع غياب الحلول غير التقليدية، مما قاد لتعقيد الأزمة وإطالتها، وهو ما يوضح غياب النضج في المنظومة السياسية بالبلاد".
- "الصراع بين أقطاب المنظومة السياسية أشبه ما يكون بصراع مراهقين سياسيين لا يدركون خطورة ما يحدث ولا يأبهون بمصير العراق والعراقيين، وهكذا فالأزمة تتفاقم، وهي مرشحة للانفجار مع شديد الأسف".