فتح القضاء التونسي من جديد ملفات قضايا تسفير الشباب إلى بؤر التوتر والإرهاب خلال عامي 2012 و2013، وطالت تحقيقاته الموسعة مسؤولين أمنيين ووزراء سابقين ورجال أعمال وسياسيين مقربين من حركة النهضة الإخوانية.
وشملت قائمة المتهمين أكثر من 100 شخص تورطوا في تسفير الشباب للقتال ضمن المجموعات الإرهابية في سوريا.
وكانت التحقيقات في الملف الإرهابي قد انطلقت على خلفيه شكوى تقدمت بها النائبة السابقة بالبرلمان، عضوة لجنة التحقيق في شبكات التسفير، فاطمة المسدي، منذ ديسمبر من العام الماضي.
وقالت المسدي في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية، إنها "قدمت للقضاء وثائق تؤكد تورط الإخوان في ملف تسفير الشباب إلى بؤر الإرهاب، وتتعلق بشخصيات بارزة في الدولة والأحزاب وقيادات أمنية وسياسية فاعلة زمن حكم حركة النهضة للبلاد".
وأوضحت أن "ما قدمته في الشكاية يثبت تورط حركة النهضة في أنشطة دعوية، ساهمت في دمغجة الشباب قبل تسفيرهم إلى سوريا، وتورط فيها القيادي في النهضة رضا الجوادي، والسياسي الحبيب اللوز، وبعض الجمعيات القريبة من الإخوان".
كما أكدت "تسهيل قيادات أمنية لعملية التسفير عبر تدليس جوازات السفر، وضلوع جمعيات وأحزاب سياسية وشركات في تمويل عملية التسفير".
وأضافت المسدي أن "شكايتها تعرضت أيضا لمسألة ارتباط ملف التسفير بالعديد من العمليات الإرهابية التي شهدتها تونس لاحقا، على غرار عملية متحف باردو الإرهابية في 2015، التي تورط فيها إرهابي عائد من سوريا".
وفي هذا السياق، اعتقلت السلطات الأمنية، الأربعاء، اللوز، للتحقيق معه بشبهات التورط في شبكات تسفير التونسيين إلى بؤر التوتر، وتم الإبقاء على القيادي في "ائتلاف الكرامة"، الجناح العنيف لحركة النهضة، والنائب السابق بالبرلمان محمد العفاس على ذمة القضية.
وتم كذلك الاحتفاظ بالجوادي، فيما أذنت النيابة العامة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، بالاحتفاظ بآمر سابق لمحافظة مطار تونس قرطاج الدولي على ذمة الأبحاث.
وفي وقت سابق، تم إيقاف رجل الأعمال محمد فريخة، لوجود شبهة في تورط شركة الطيران التي يمتلكها "سيفاكس إيرلاينز" في تسفير الشباب التونسي إلى تركيا، قبل وصولهم إلى العراق وسوريا للانضمام إلى تنظيمات إرهابية.
وعلّق المحامي والناشط السياسي، علي بن عون، على تلك الأحداث، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، قائلا: "تحرك القضاء يبرهن على تعافيه بعد العام الأول من انطلاق مسار 25 يوليو، الذي أنهى حكم الإخوان في تونس".
وأشار بن عون إلى "زوال التخوفات من إزاحة النهضة ومحاكمتها على جرائمها لدى التونسيين، مما يدعو لفتح كل ملفات العشرية التي حكموا فيها البلاد للنظر فيها وغلقها بشكل قانوني".
من جانبه، اعتبر الناشط السياسي والناطق الرسمي باسم التيار الشعبي، محسن النابتي، أن "الممر الإجباري للحكومة الحالية هو البت في كل القضايا العالقة، خاصة التي مست أمن التونسيين وحياتهم، مثل قضايا التسفير والإرهاب والاغتيالات السياسية".
وقال النابتي لموقع "سكاي نيوز عربية": "حركة النهضة حولت تونس في السنوات الماضية لمنصة لتعبئة الإرهابيين عبر جهازها الدعوي، الذي اشتغل على دمغجة الشباب قبل تسهيل تسفيرهم إلى بؤر التوتر".
وأكد الناشط السياسي أن "تورط ضباط سامين في خدمة أجندة الإرهاب دليل قوي على حجم الدمار والخيانة الذي خلفته سنوات حكم الإخوان في تونس، يوجب اقتلاعهم من جذورهم من داخل مؤسسات الدولة".
ودعا النابتي القضاء إلى "كشف أخطبوط الفساد والإرهاب المتورط في التسفير والاغتيالات، وفي جرائم ما بعد التسفير التي ظهرت مع العائدين من بؤر التوتر في سوريا إلى تونس، في أشنع عمليات ذبح للجنود وتفجير وتدمير".
جدير بالذكر أن لجنة مكافحة الإرهاب في تونس وثقت وجود أكثر من 3 آلاف تونسي مسجل إرهابي في سوريا وليبيا والعراق حتى عام 2018، عاد منهم قرابة الألف إلى تونس.
وأُصدرت ضدهم أحكاما بالسجن في زنزانات خاصة بعيدا عن سجناء الحق العام، بينما تشير تقارير أممية إلى أن عددهم يقترب من 6 آلاف إرهابي موزعين بين سوريا وليبيا والعراق ومالي واليمن.