يتمتع العراق بأجواء مشمسة طوال العام؛ مما يوفر له بديلا بالطاقة الشمسية لحل أزمة الكهرباء الحالية، غير أن تحديات الواقع السياسي الخانق الذي تعيشه البلاد يكبل مبادرات داخلية وخارجية للاستثمار في هذا المجال.
ويكابد العراقيون صيفا ساخنا في ظروف غير مسبوقة هذا العام، على وقع انقطاعات متكررة ولمدد طويلة يوميا، نتيجة نقص في إمدادات الطاقة لمحطات الكهرباء التي انهار العمل فيها بشكل تام لأكثر من مرة، وعجزت شركة الكهرباء الوطنية عن تزويد المنازل والمحلات التجارية باحتياجاتها الكاملة من الطاقة.
ووسط هذا، يعتمد عراقيون على مولدات الكهرباء لسد احتياجاتهم، ولكن كثيرا من الأسر لا تملك تكلفة المولد الكهربائي.
أسباب عرقلة مبادرة البنك المركزي
وللحد من الأزمة، تبنى البنك المركزي مبادرة لتشجيع السكان على نصب منظومات الطاقة المتجددة، وتوليد الكهرباء لمنازلهم، عبر قروض يمنحها للراغبين في الشراء.
ولم تجد المبادرة الصدى المأمول منها، ويشرح مسؤول في وزارة الكهرباء العراقية، لموقع "سكاي نيوز عربية" الأسباب، قائلا إن المشروع يواجه تحديات كبيرة منها:
• الإقبال لم يكن بالمستوى المطلوب الذي يؤدي لتغيير كبير في واقع الطاقة الكهربائية.
• ضعف التوعية بفوائد الطاقة الشمسية، وآلية استخدامها، إذ لم تطلق الجهات المعنية حملات واسعة في الإعلام للتعريف بهذه المنظومات.
• فرض البنوك فوائد أو رسوم إدارية بنسبة 6 في المئة، وهو مبلغ كبير تسبب بإحجام الكثير عن تسلم القروض، فضلا عن اشتراط موظف كفيل لضمان القرض.
• بالنسبة للمنازل فإن التجربة ما زالت في طور التقييم، ويعتبرها بعض السكان إنقاذا للحكومة التي تهربت من مسؤوليتها في توفير الطاقة، وفق رؤيتهم.
تفاؤل في السنين الخمسة القادمة
في نفس الوقت، يتوقع المسؤول العراقي حدوث تغيير كبيرة في نمط الاستخدام، لصالح الطاقة المتجددة، خلال الأعوام الخمس المقبلة.
ويرجع تفاؤله إلى أن الحكومة الحالية تمكنت من توقيع عقود كبيرة في هذا المجال بشكل عام.
استثمار أوروبي في طاقة الشمس
وأبدت بنوك أوروبية رغبتها في تمويل مشاريع الطاقة الشمسية في العراق، واجتمع، يوم الاثنين، محافظ البنك المركزي العراقي مصطفى غالب، مع سفير الاتحاد الأوروبي لدى العراق فيلا فاريولا، لبحث هذا الأمر.
وتبيع محلات تجارية في بغداد وأربيل أنظمة للطاقة الشمسية يتم نصبها على أسطح البيوت، حيث تخزن الألواح في بطارياتها ما تحمله أشعة الشمس من طاقة خلال النهار ليتم استخدامها في الليل، وفي بلد مثل العراق يتمتع بنحو 300 يوم مشمس في السنة، فإن هذا المجال الاستثمار فيه واعد جدا.
الأزمة الاقتصادية ترهق الأسر
وتبلغ تكلفة شراء المنظومة للأسر المتوسطة ما بين 4 و5 آلاف دولار، وهي مبالغ باهظ بالنسبة لأغلب العائلات، حتى الموظفين أو المتعاقدين، إذ تتراوح رواتب أغلبيتهم بين 200 و1000 دولار في الشهر.
وعلى هذا، يدعو الخبير اقتصادي، ناصر الكناني "لإيجاد توجه حكومي لبناء محطات كبيرة تغذي منازل المواطنين"، منتقدا إهمال هذا الأمر السنين الماضية "فلم تهتم الكتل السياسية في البرلمان، واتجهت للمكاسب الشخصية والحزبية".
وعن مبادرة البنك المركزي، فيصفها الكناني في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" بأنها "جيدة، وهي تشجع المواطنين على استخدام هذا النوع من الطاقة الذي سيحقق نقلة نوعية في مواجهة التغيرات المناخية، لكن أيضا التعقيدات والصعوبة في الحصول على تلك القروض، أسهم في إبطاء الاستفادة من المبادرة".
وتفشت أزمة الكهرباء في العراق العامين الأخيرين لنقص إمداد إيران العراق بما يكفي من الغاز لتشغيل المحطات، علاوة على شكاوى من الفساد الإداري والانشغال بالصراعات السياسية حول تشكيل الحكومة.