فيما كان الآلاف من ذوي ضحايا حفرة الخسفة في مدينة الموصل شمالي العراق ينتظرون تسلم رفات أبنائهم، فوجئ الجميع بأنباء عن ردم الحفرة على يد مجهولين، بينما أعلنت لجنة برلمانية فتح تحقيق في الحادث الصادم.
وتوقفت العمليات العسكرية ضد تنظيم "داعش" في محافظة نينوى التي تضم الموصل بنهاية عام 2017، وكانت الحفرة العميقة أحد الشواهد على إجرام التنظيم، الذي ألقى بها جثث آلاف المدنيين والعسكريين ممن قتلهم.
وتقع الحفرة في منطقة ذات تربة هشة جنوبي الموصل، ويسميها الأهالي كذلك "حفرة الجن"، ويزيد قطر فوهتها على 40 مترا، بينما يصل عمقها لأكثر من 150 مترا، وتحيطها رمال متراكمة تسحب أي جسم ثقيل إلى داخلها.
ماذا حدث؟
• استغل "داعش" الحفرة وحولها إلى مقبرة لدفن جثامين الضحايا الذين يقتلهم، وكان يجمع السكان لرؤية عمليات القتل ثم رمي جثث الضحايا داخلها.
• بعد انتهاء العمليات العسكرية جرت عدة محاولات لانتشال الجثث من الهوة السحيقة.
• واجهت فرق الإنقاذ والصليب الأحمر تحديات كبيرة ومخاطر تحيط بمحاولات انتشال الجثث من الحفرة، بسبب عمقها الكبير وإمكانية تهدمها.
• تقول الحكومة العراقية إن فتح المنطقة بكاملها يحتاج إلى جهود دولية ومساعدات كبيرة في إزالة أكبر قدر ممكن من التشققات والانهيارات.
• على مدار السنوات الماضية، كان ذوو الضحايا ينتظرون انتشال رفات أبنائهم، لكنهم أصيبوا بصدمة بعدما أُعلن ردم الحفرة.
ويقول رحيم العبيدي، وهو أحد سكان الموصل، إن تنظيم "داعش" قتل شقيقه عام 2017 بتهم التعاون مع قوات الأمن آنذاك.
وقال العبيدي لموقع "سكاي نيوز عربية": "بعد انتهاء العمليات العسكرية، بدأت المحاولات الرامية إلى استخراج جثث حفرة الخسفة، ومنذ نحو 6 سنوات نحن ننتظر الإجراءات الحكومية. وصلت عدة فرق إلى الموقع لكنها لم تتمكن من فعل شيء كبير"، مشيرا إلى أن "العائلة أصيبت بصدمة عندما علموا بتهدم الحفرة".
وأكد المتحدث أن "ما حصل جريمة كاملة الأركان، وعلى الجهات المعنية التحقيق الجدي وإشراك المجتمع الدولي في واقعة الردم التي هزت المدينة، خاصة أن هناك آلافا من ذوي الضحايا ينتظرون استخراج جثامين أبنائهم أو ما تبقى منها لدفنها، لكن بتهدم الخسفة لم يبق هناك شيء لننتظره".
وحسب مدير الدفاع المدني العميد حسام خليل، فإن "الفرق المختصة لا تمتلك الإمكانيات للتعامل مع الحفرة لكونها كبيرة جدا، حتى الصليب الأحمر أو الفرق الدولية لم تتمكن من ذلك بعد أعـوام من تحرير المدينة"، وفقما نقلت صحيفة "الصباح" العراقية.
تحقيق نيابي
• في مسعى لتطويق الأزمة، أعلنت لجنة الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين في البرلمان العراقي فتح تحقيق بشأن ما تعرضت له حفرة الخسفة.
• رئيس اللجنة في البرلمان أحمد الجبوري، التقى ضياء كريم مدير دائرة المقابر الجماعية، وبحث ملف المقابر التي أعدها تنظيم "داعش".
• الاجتماع بحث كذلك التقرير الخاص بمقبرة الخسفة، والتصوير الجوي وخرائط "غوغل" منذ عام 2002 حتى 2017، وأبعادها وقطرها ومراحل تطورها، والاطلاع على الدراسة المقدمة من جامعة الموصل بشأن المقبرة وطبيعة الأرض الجيولوجية.
• وقع اتفاق على إعداد خطة عملية للبدء بفتح الحفرة بعد الاجتماع بالجهات الحكومية ذات العلاقة والجهات الدولية، وفريق التحقيق الدولي بجرائم "داعش" في العراق، واللجنة الدولية للصليب الاحمر، فضلا عن وزارة الدفاع.
"كارثة" بحق السكان
وأكد عضو مجلس محافظة نينوى حسن شبيب، أن "ما حصل يمثل كارثة بحق أهالي الضحايا، فبدل تعويضهم ومواساتهم والعمل على تسليمهم جثامين أبنائهم، يصابون بصدمة أخرى وينقطع أملهم".
وأشار شبيب في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن "جهات مجهولة تستهدف تاريخ وواقع المدينة. كان المفترض بالحكومة والجهات المختصة العمل على إبقاء هذا الموقع شاهدا على إجرام داعش".
وأضاف أن "المطلوب الآن معرفة الفاعل (في واقعة ردم الحفرة) وتقديمه إلى العدالة، والعمل من جديد وفق خطة على انتشال جثث الضحايا لإنهاء هذا الملف".