بعد هدوء الاشتباكات المسلحة بين الميليشيات في غرب ليبيا نسبيا، تموج البلاد بـ"اشتباكات مالية" نتيجة ضيق شرق ليبيا مما يصفه بـ"تعنت وممطالة" المصرف المركزي في الغرب من صرف المخصصات المالية اللازمة للمشروعات والرواتب شرقا.
ويحذر خبراء ليبيون في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية" من أن استمرار هذا الأمر، يهدد بالرجوع لانقسام السلطة المالية الذي عانت منه البلاد في المدة من 2014- 2020.
مماطلة في إرسال الأموال
وطلب فرع شرق ليبيا أكثر من مرة سرعة تحويل أموال الرواتب والقطاعات المنصوص عليها في الميزانية الليبية، لمنع حدوث عجز قد يؤدي إلى أزمة، إلا أن المطلوب لم يتم إرساله بالكامل.
وهدد الفرع بأنه قد يضطر إلى اللجوء لطبع الأموال مرة أخرى إذا استمر توقف تحويل الأموال لتيسيير الحياة على المواطنين، بعد أن تسبب وقف التحويل في أزمة في المصارف وسحب الأموال.
تسلسل الانقسام والخلاف:
- حدث انقسام البنك المركزي في البلاد إلى إدارة في الغرب وأخرى في الشرق عام 2014 بعد معارك "فجر ليبيا" التي شنتها ميليشيات تابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي ضد الجيش الوطني الليبي في غرب ليبيا، رفضا منها لنتائج الانتخابات البرلمانية التي خسر فيها التنظيم الأغلبية.
- وانتهت هذه المعارك بخروج الجيش الليبي إلى الشرق، وانقسام مؤسسات الدولة، بما فيها البنك المركزي ما بين إدارة يتحكم فيها الميليشيات غرب البلاد، وما بين إدارة في الشرق.
- أدى انقسام البنك المركزي وطباعة أموال جديدة إلى تراجع الدينار الليبي أمام الدولار الأميركي خمسة أضعاف، فقد كان الدولار في 2014 يساوي 1.20 دينار، ويسجل سعر الصرف حاليا للدولار 5 دنانير في أكبر تراجع في تاريخ ليبيا الحديث.
- وبعد وقف إطلاق النار في طرابلس عام 2020 اتفقت الأطراف السياسية على توحيد مصرف ليبيا المركزي.
- رغم ذلك تصدر شكاوى من أن المصرف يماطل في توفير المستحقات اللازمة للمشاريع والرواتب في شرقي البلاد.
- يطالب المركزي في الشرق الآن بسرعة توفير 500 مليون دينار لحل أزمة السيولة، وإلا سيضطر لطباعة الأموال.
- على هذا يحذر خبراء اقتصاد من انقسام السلطة المالية مجددا.
تسييس منذ 2011
وفق المحلل الاقتصادي الليبي سامر العذابي، فإن "تعنت" مصرف ليبيا من صرف حصة الشرق من الأموال سبّبّ أزمة كبيرة في مدن بنغازي وطبرق والمرج.
ويضرب أمثلة بأن السيولة غابت من البنوك، وسقف سحب الأموال أصبح ضعيفا، محذرا من أن استخدام المصرف المركزي كورقة ضغط على أطراف سياسية سيؤدي إلى مهازل اقتصادية قد تصل بالدينار الليبي لمستويات لم يشهدها طوال التاريخ.
أما عن تهديد الشرق بطباعة أموال لسد العجز، دون تعويض ذلك بسندات من الذهب، فسيؤدي لتضخم كبير، وقد يصل سعر الدينار لـ8 مقابل الدولار الواحد، حسب تقدير العذابي.
"أداة الميليشيات"
وبتعبير المحلل السياسي الليبي ماهر عقيل فإن المصرف المركزي منذ عام 2011 "مسيس بالفعل، فرئيسه الصديق الكبير هو الوحيد الذي ظل محتفظا بمنصبه خلال السنوات الأخيرة".
ويصف عقيل رئيس المصرف، الصديق الكبير، بأنه "أداة في أيدي الإخوان والميليشيات،"، وأنه "هو أول من ابتدع بنود تعطي للميليشيات حقا للحصول على رواتب من الدولة".
وعن انهيار الدينار منذ 2014، يرى المحلل الليبي أن سببه الوحيد هو انقسام السطلة المالية، وطباعة أموال على المكشوف دون تنسيق ودون سندات إدخارية تحمي السوق من التضخم وارتفاع الأسعار.