يولي المغرب أهمية بالغة لمكافحة التغيرات المناخية وحماية البيئة، مما جعله من البلدان الرائدة إقليميا في مجال الطاقات المتجددة، وذلك لتوفره على مشروع عملاق وطموح لإنتاج الطاقة الشمسية بمدينة ورزازات (جنوبي البلد).
ومن أجل التزام المغرب بتنفيذ جميع التزاماته الدولية في التخفيف من آثار تغير المناخ، اعتمد 60 إجراء يشمل بالأساس مشاريع تتعلق بالطاقات المتجددة.
وفي هذا الصدد، ذكرت ليلي بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، في ليبروفيل بالغابون، أن المساهمات المحددة وطنيا في المغرب تشمل حوالي 60 إجراء وتدبيرا، من أجل مكافحة تغير المناخ.
وقالت بنعلي، خلال جلسة وزارية نظمت في إطار الأسبوع الإفريقي للمناخ بالعاصمة الغابونية (من 29 أغسطس الجاري إلى 2 سبتمبر المقبل) أن تلك الإجراءات تعتمد بشكل أساسي على مشاريع وبرامج الطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة، التي تساهم بنسبة تصل إلى 60 في المئة من إجمالي تخفيضات انبعاثات الغازات الدفيئة المستهدفة.
التزام دولي
في هذا السياق، يوضح بوجمعة بلهند، الخبير الوطني وعضو الائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة، في اتصال مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن مختلف التقارير الدولية والوطنية تؤكد أن الإجراءات المتخذة من قبل المغرب، وكذا التدابير التي شرع في تنفيذها، تعتمد بشكل أساسي على مشاريع وبرامج الانتقال الطاقية والنجاعة الطاقية.
وأضاف بلهند أن هذا الالتزام الدولي، وفي إطار مفاوضات الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (COP)، مكن من رفع مستوى الطموح المغربي للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى أكثر من 45 في المئة بحلول عام 2030 ، كجزء من مساهمته المحددة وطنيا، بموجب اتفاق باريس.
من جهته، يؤكد الباحث يوسف الكمري، في حديث مع "سكاي نيوز عربية"، أن الطاقة تشكل دعامة أساسية للتنمية، ويحظى الولوج إليها مع توافرها بأهمية كبيرة، وذلك من أجل تلبية الاحتياجات المتزايدة للساكنة المحلية وضمان المسار الفعال والمستدام لخلق الثروات على المستوى الوطني.
وأبرز الكمري أن رؤية المغرب ترتكز في ما يخص مكافحة التغير المناخي على جعل ساكنته وترابه وحضارته أكثر مقاومة وقدرة على التصدي لآثار التغير المناخي مع ضمان الانتقال السريع إلى اقتصاد منخفض الكربون، ذلك أن النشاط الوطني مازال في هذا الميدان يواجه مجموعة من التحديات تتعلق أساسا بمحدودية التمويل ونقل التكنولوجيا.
التمويل الأخضر هو الحل
وفي السياق ذاته، اعتبر الخبير بلهند أن التمويل الأخضر غالبا ما يظل الحل الأمثل لمشاريع البنية التحتية أو حتى مشاريع التكيف مع التغير المناخي، داعيا إلى ضرورة اعتماد آليات التمويل الأخضر المتعدد الأطراف، التي تسهم في مضاعفة الجهود من حيث الكفاءة والنجاعة، لا سيما في تطوير الطاقات المتجددة وتوفير مصادر التمويل في هذا المجال.
أما الخبير البيئي مصطفى بنرامل، فأوضح في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن الحكومة المغربية تسعى للترويج لنسبة مساهمتها التي تصل إلى 60 في المئة من إجمالي تخفيضات انبعاثات الغازات الدفيئة المستهدفة، مضيفا "لكن على أرض الواقع يتبين أن هذا الطموح يبقى بعيد المنال سواء مجتمعيا أو إجرائيا، ذلك أن جل المشاريع التي تم الاتفاق على إحداثها تحتاج لتعبئة الموارد الأساسية سواء المالية أو البشرية، وحتى التعبئة المجتمعية من خلال المساهمة الفعلية للمجتمع المدني المهتم بالشأن البيئي".
وتابع أنه "مع الإعلان اليوم عن حالة الطوارئ المائية في مختلف ربوع المملكة، وتعالي الأصوات بسبب الغبار الأسود بالقنيطرة، وكذا تلوث الهواء بأسفي والمحمدية والدار البيضاء ومدن أخرى، نؤكد أن العمل مازال في بدايته لبلوغ الأهداف".
ولهذا يضيف أنه "في ظل شروع كل الجماعات الترابية (البلديات) والمجالس المنتخبة في إعداد برامجا ومخططاتها، يجب لزاما استحضار إدماج البعد البيئي والمناخي بقوة من أجل تحقيق بعض الالتزامات المتعلقة بالحد من تغير المناخ بالمغرب".