يتواصل الإعلان بشكل متزايد ومثير للقلق عن كشف وضبط عمليات المتاجرة بالأعضاء البشرية في العراق، لدرجة نقلها للخارج من قبل شبكات وعصابات منظمة، بشكل بات يهدد بتحولها لظاهرة وفق ناشطين ومدافعين عن حقوق الإنسان.
وفي أحدث الجرائم ما أعلنته وزارة الداخلية العراقية عن إلقاء القبض على أب وابنه لبيعهما كلية ابنته مقابل مبلغ 8 ملايين دينار عراقي أي نحو 5400 آلاف دولار أميركي.
وكشف مدير تحقيق مكافحة الاتجار بالبشر في بغداد العميد وسام الزبيدي، في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء العراقية، أن سعر بيع الكلية الواحدة يصل إلى 48 مليون دينار عراقي أي ما يعادل نحو 33 ألف دولار أميركي، مشيرا إلى أنهم سيعملون على مكافحة الاتجار بالبشر خلف الحدود أيضا.
وأوضح المسؤول الأمني العراقي أن "عمليات الاتجار بالبشر تتركز على بيع الكلى"، مضيفا: "ضبطنا عمليات بيع الخصى بين العراق وأوكرانيا".
وبيّن أن قيمة "صفقة بيع الخصية خارج العراق تصل إلى 80 ألف دولار"، كاشفا أن عمليات الإطاحة بعصابات الاتجار بالبشر ازدادت مؤخرا بالعراق.
وتعليقا على تصاعد وتيرة عمليات المتاجرة بالأعضاء البشرية بالعراق وما تمثله من انتهاك صارخ لحقوق الإنسان وللأمن المجتمعي، يقول علي البياتي، عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية سابقا، في لقاء مع "سكاي نيوز عربية": "الاتجار بالبشر من الجرائم المنظمة التي بدأت تنتشر بالعراق ولا سيما بعد العام 2003، على وقع الخلل الأمني والظروف العصيبة والاستثنائية التي مرت بها البلاد طيلة الأعوام الماضية، حيث الحدود المفتوحة وظهور الجماعات الإرهابية كداعش التي كان لها دور كبير في تفشي ظاهرة الاتجار بالنساء والبشر بما في ذلك بيع أعضائهم، علاوة على تفشي الفقر والعوز في المجتمع العراقي مما اضطر الكثيرين جراء ذلك لبيع أعضاء من أجسادهم لقاء المال وسط انتشار المافيات والعصابات التي تمتهن هذه التجارة، والتي لديها امتدادات إقليمية ودولية تتعاون معها وتنسق".
ويضيف البياتي: "مع الأسف الدولة العراقية لم تتعاط بالشكل الحاسم والمطلوب مع خطورة اتساع نطاق هذه الظاهرة، فكبح هذه الجرائم البشعة يبدأ أولا بمعالجة مسببات هذه الظاهرة وخاصة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، كما ويجب سن تشريعات تسمح وفق الضرورات الصحية والطبية وتحت إشراف طبي كامل، بالتبرع للأعضاء لمن هم بحاجة لها، بحيث يتم إنقاذ حياتهم، ويمكن أن يكون ذلك لقاء مقابل مادي، بمعنى أن تتم العملية بطريقة قانونية مسموح بها وبما يقطع الطريق أمام عصابات بيع الأعضاء والاتجار بها".
ويختم المسؤول السابق بمفوضية حقوق الإنسان العراقية، بالقول: "وهكذا فالمطلوب تطوير تعاون العراق وتنسيقه مع مختلف البلدان إقليميا ودوليا لمكافحة هذه الظاهرة المستفحلة، ووضع حد لتهريب الأعضاء البشرية العراقية نحو الخارج".
أما جنان الحمد، عضو منظمة "هارتلاند ألاينس" الدولية الناشطة كإحدى منظمات المجتمع المدني بالعراق، فتقول في لقاء مع "سكاي نيوز عربية": "هذه ظاهرة خطيرة تنتشر في العراق وحول العالم، ونشد على جهود الحكومة العراقية لمجابهتها لها وملاحقة المتاجرين والمتورطين فيها، لكن الموضوع يتطلب بلا شك عملا مستمرا وتنسيقا محموما بين مختلف الأجهزة الأمنية والحكومية وبالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان العراق".
وتضيف الناشطة المدنية العراقية: "ظاهرة الاتجار بالبشر تتفشى في الآونة الأخيرة في العراق بشكل مقلق ولا سيما تجارة الأعضاء البشرية، مع أن البرلمان العراقي قد شرع في العام 2012 قانون رقم 28 لمكافحة الاتجار بالبشر، حيث أكد المرصد العراقي لضحايا الاتجار بالبشر مؤخرا أن الأطفال دون سن 16 عاما يشكلون ثلثي عدد ضحايا هذه الجرائم، ولا توجد إحصائيات رسمية معلنة عدد حالات الكلي كون التعامل مع ضحاياها يتم بسرية مطلقة من قبل الجهات الرسمية والمنظمات المعنية نظرا لحساسية الموضوع".
وعن خلفيات وعوامل هذا التفشي، تبرز المتحدثة: "تزايد الفقر وتفشي البطالة وضعف الأمن أسهم كلها عوامل ساهمت في تزايد وتيرة عمليات المتاجرة بالأعضاء البشرية وتوسع عصاباتها وشبكاتها بالعراق، سيما مع تفشي جائحة كورونا المستجد وتداعياتها السلبية، حيث أستغلت تلك العصابات إثر ذلك تراجع دخل الناس في البلاد وتردي أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية، وزيادة الوقت الذي بات يقضيه العراقيون صغارا وكبارا بفعل ظهور تلك الجائحة أمام الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، والتي كانت أبرز طرق استدراج ضحايا المتاجرة بالأعضاء البشرية بالعراق".
أما الحلول للحد من هذه الظاهرة الوخيمة، فهي وفق الناشطة المدنية، تتمثل خاصة في "تحسين الوضع الاقتصادي المزري للبلاد وخلق فرص العمل وخاصة للشباب والفتيات اللائي يشكلن نسبة كبيرة من ضحايا الاتجار بالبشر من خلال شبكات الدعارة وتجارة الأعضاء البشرية".