تأمل تونس، مع اعتماد دستور جديد، هو الرابع في تاريخ البلاد، الانطلاق في إصلاحات اقتصادية واجتماعية محورية، ويرجح مراقبون أن "الموافقة الشعبية الطاغية" على الدستور الجديد يبشر بمرحلة قادمة من الاستقرار السياسي والاقتصادي للبلاد.
وأعربت منظمة كونفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية "كونكت" عن أملها في أن تكون المرحلة الجديدة التي تمر بها تونس ستدفع لإزالة العقبات الاقتصادية، لتتوصل الحكومة في وقت قريب إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي يمنحها الدعم المالي، ويمكنها من البدء في وضع الاصلاحات الاقتصادية اللازمة واستعادة نسق نمو شامل ومستدام.
وقال عضو المكتب التنفيذي لمنظمة "كونكت"، أصلان بن رجب، في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية، إنهم التقوا وفدا عن صندوق النقد الدولي خلال زيارتهم إلى تونس ولمسوا آمالا في إمكانية التوصل إلى اتفاق يوفر الدعم المالي لتونس، مما سيمنح الفرص للبلاد لإنجاز الإصلاحات الاقتصادية المنتظرة.
وأكد بن رجب أنهم من جهتهم كطرف اجتماعي، طلبوا من بعثة صندوق النقد الدولي "مراعاة الجانب الاجتماعي ومرور المواطنين بصعوبات وجانب المصلحة العليا للاقتصاد الوطني، لأن تمكين تونس من الدعم المالي ليس هدفا في حد ذاته بل وسيلة لوضع الإصلاحات الاقتصادية وتطبيقها ".
وأضاف بأن توقعات وكالة التصنيف الدولية "فيتش ريتنيغ" الأخيرة بحلحلة أزمة تونس مع صندوق النقد الدولي "تبشر بالخير وتتفق مع رؤية المنظمة في أن الجانب الاقتصادي يرتبط آليا بالاستقرار السياسي وأن اعتماد الدستور الجديد يعكس بداية مرحلة جديدة اقتصاديا وسياسيا في البلاد".
وكانت وكالة "فيتش رايتينغ " للتصنيف الائتماني الدولي قد توقعت الخميس توصل تونس لاتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي خلال النصف الثاني من العام الجاري بعد تمرير الدستور.
واعتبرت الوكالة الدولية أنه رغم المخاطر الاقتصادية القائمة في تونس، يتجه اليوم المانحون الدوليون لدعم تونس بعد الموافقة على الدستور الجديد، حيث أن قبول الدستور من قبل الناخبين دون اضطرابات اجتماعية، يعزز فرص منح الدعم لتونس، من أجل استقرار البلاد والمنطقة عموما.
ومن جهته علق الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان في تصريحات لسكاي نيوز عربية، أن الموافقة في تونس على دستور جديد يعطي صلاحيات واسعة للسلطة التنفيذية وربما يساعد بطريقة أسرع في الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، خاصة وأن "المحادثات الفنية استمرت لوقت طويل أكثر من 14 شهرا بينما لم تؤدي المفاوضات الأخيرة إلى اتفاق مبدئي" مرجحا أن تعطي الموافقة على الدستور دفعا لعقد اتفاقات مالية مع المقرضين الدوليين قبل نهاية السنة الحالية.
ومن ناحيته، أشار الخبير الاقتصادي حسين الديماسي إلى أن التطورات السياسية الأخيرة القاضية باعتماد دستور جديد وإنهاء مرحلة من حكم الإسلام السياسي في تونس، ستساعد في حلحلة بعض الصعوبات المالية ولو ظرفيا لأن "الوضع الاقتصادي في البلاد يحتاج حلولا عميقة و جذرية لا تكتفي بالبحث عن سند مالي خارجي بل تقتضي تغيير الاتجاه المتبع منذ 12 عاما الماضية لبناء استراتيجية وسياسة جديدة نعول فيها على امكانياتنا الذاتية بعيدا عن الارتهان للقروض الخارجية".