شارك الآلاف في مسيرة ضخمة انطلقت، يوم الثلاثاء، من إحياء جنوب العاصمة الخرطوم في اتجاه القصر الرئاسي في وسط المدينة تنديدا بالعنف القبلي الذي راح ضحيته العشرات في منطقتي النيل الأزرق المتاخمة للحدود الإثيوبية ومدينة كسلا في شرق البلاد؛ فيما حاولت قوات الأمن التصدي للمحتجين بالغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية وسط أنباء عن وقوع عدد من الإصابات.
ورفع المشاركون في المسيرة شعارات تندد ببطء استجابة الأجهزة الأمنية وتتهم نافذين في الدولة بالتسبب في إشعال أعمال العنف بغرض تحقيق أهداف سياسية.
ومنذ ساعات الصباح الأولى عززت قوات الأمن والجيش من انتشارها في وسط العاصمة والمناطق القريبة من القيادة العامة للجيش والقصر الرئاسي.
وبدأت أعمال العنف القبلية الأخيرة هذه منذ الخميس في منطقة النيل الأزرق قبل أن تتمدد إلى المناطق الأخرى. ووفقا لمصادر خاصة تحدثت لموقع سكاي نيوز عربية فإن عدد القتلى في منطقة النيل الأزرق تجاوز الـ 100 قتيل؛ لكن التقارير الرسمية تشير إلى 65 قتيلا.
واندلعت أعمال العنف تلك إثر خلافات بين مجموعات قبلية حول مسائل تتعلق بتقسيمات وزعامات الإدارة الأهلية بالمنطقة.
وفي ظل حالة من التوتر تعيشها عدد من مدن ومناطق البلاد؛ تتزايد المخاوف من تداعيات خطيرة قد تنجم عن تمدد العنف القبلي الذي تمدد شرقا حيث شهدت منطقة كسلا في شرق البلاد والتي تبعد عن النيل الأزرق بنحو ألف كيلومترا الاثنين أعمال حرق ونهب.
قال شهود عيان لموقع سكاي نيوز عربية إن من قاموا بها ينتمون لإحدى المجموعات القبلية المتأثرة بأحداث النيل الأزرق.
وأضرمت المجموعة القبلية النيران في عدد من الأسواق والمحال التجارية والمباني الحكومية والخدمية في مدينة كسلا التي تبعد نحو 500 كيلومترا إلى الشرق من الخرطوم؛ وسط أعمال عنف وفوضى عارمة في كافة أطراف المدينة التي تقطنها عدد من المجموعات القبلية.
وفي ظل التنوع القبلي الكبير في العديد من مناطق السودان تدور مخاوف حقيقية من تمدد الصراع إلى مناطق أخرى؛ حيث أشارت تقارير إلى توتر في مدينتي مدني في وسط البلاد وكوستي في منطقة النيل الأبيض وسط أنباء عن إغلاق الطريق القومي الرابط بين وسط البلاد وشرقها.
وقال محلل أمني بارز لموقع سكاي نيوز عربية إن الاستقطاب القبلي الكبير الذي شهدته البلاد خلال الفترة الأخيرة أسهم في إشعال الأحداث الحالية.
وفي ذات السياق، رأى عبده مختار أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية إن حالة الفراغ السياسي التي يعيشها السودان منذ الخامس والعشرين من أكتوبر ونزعة العديد من القيادات لتبني خطاب جهوي، إضافة إلى نقص الخدمات والانفلات الأمني كلها عوامل أسهمت في تأجيج الصراعات القبلية.
وقال مختار لموقع سكاي نيوز عربية إن ما يحدث من استقطاب قبلي في السودان حاليا يشكل أكبر مهدد لمستقبل البلاد، ويؤكد فشل النخب السياسية في وضع حلول ناجعة لتلك الأزمات.