تمددت أعمال العنف القبلي التي اندلعت في منطقة النيل الأزرق السودانية والتي راح ضحيتها العشرات لتعم مناطق أخرى من البلاد؛ حيث شهدت منطقة كسلا بشرق البلاد والتي تبعد عن النيل الأزرق بنحو ألف كيلومتر، الاثنين، أعمال حرق ونهب قال شهود عيان لموقع سكاي نيوز عربية إن من قاموا بها ينتمون لإحدى المجموعات القبلية المتأثرة بأحداث النيل الأزرق.
وأضرمت المجموعة القبلية النيران في عدد من الأسواق والمحال التجارية والمباني الحكومية والخدمية في مدينة كسلا التي تبعد نحو 500 كيلومترا إلى الشرق من الخرطوم؛ وسط أعمال عنف وفوضى عارمة في كافة أطراف المدينة التي تقطنها عدد من المجموعات القبلية.
وقال الصحفي عبدالجليل محمد عبدالجليل لموقع "سكاي نيوز عربية" عبر الهاتف من كسلا إن المدينة تشهد توترا شديدا، مشيرا إلى إصابة العشرات بالأسلحة البيضاء والنارية المنتشرة بكثرة في أوساط السكان.
وأوضح عبدالجليل أن المجموعة القبلية التي تقود أعمال العنف الحالية تشكل نحو 35 في المئة من سكان المدينة وتتمتع بنفوذ تجاري وزراعي كبير.
وأضاف أن تلك الأعمال جاءت كرد فعل غاضب لما تعرضت له مجموعتهم القبلية في منطقة النيل الأزرق.
وحاولت قوات الأمن الموجودة في المدينة التصدي لأعمال العنف تلك؛ لكن محلل أمني بارز قال لموقع سكاي نيوز عربية إن الاستقطاب القبلي الكبير الذي شهدته البلاد خلال الفترة الأخيرة إثر كثيرا على كفاءة الأجهزة الأمنية وقدرتها على حسم تلك المشكلات.
وفي ذات السياق، يرى عبده مختار أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية إن حالة الفراغ السياسي التي يعيشها السودان منذ الخامس والعشرين من أكتوبر ونزعة العديد من القيادات لتبني خطاب جهوي، إضافة إلى نقص الخدمات والانفلات الأمني كلها عوامل أسهمت في تأجيج الصراعات القبلية.
وقال مختار لموقع سكاي نيوز عربية إن ما يحدث من استقطاب قبلي في السودان حاليا يشكل أكبر مهدد لمستقبل البلاد، ويؤكد فشل النخب السياسية في وضع حلول ناجعة لتلك الازمات.
وفي ظل التنوع القبلي الكبير في العديد من مناطق السودان تدور مخاوف حقيقية من تمدد الصراع إلى مناطق أخرى؛ حيث أشارت تقارير إلى توتر في مدينتي مدني في وسط البلاد وكوستي في منطقة النيل الأبيض وسط أنباء عن إغلاق الطريق القومي الرابط بين وسط البلاد وشرقها.
وبدات أعمال العنف القبلية الأخيرة هذه منذ الخميس في منطقة النيل الأزرق قبل أن تتمدد إلى المناطق الأخرى.
ووفقا لمصادر خاصة تحدثت لموقع سكاي نيوز عربية، فإن عدد القتلى في منطقة النيل الأزرق تجاوز الـ100 قتيل؛ لكن التقارير الرسمية تشير إلى 65 قتيلا.
وتشير تلك المصادر إلى أوضاع إنسانية بالغة التعقيد يعاني منها السكان الفارين من مناطق القتال.
وقال أحد الناشطين في مجال العمل الإنساني في مدينة الدمازين عاصمة الولاية لموقع سكاي نيوز عربية إن 37 من الجرحى الذين أصيبوا السبت توفوا الأحد في المستشفى الذي يعاني من نقص حاد في الدم والمعينات والكوادر الطبية.
وتحدثت تقارير عن وجود عشرات الجثث في مناطق يصعب الوصول إليها بسبب اشتداد حدة القتال.
وقال عضو في لجنة خدمات مدينة الدمازين عاصمة الولاية إن مجموعة من الشباب تسعى لمساعدة الضحايا في ظل أوضاع أمنية وإنسانية بالغة التعقيد.
وأوضح لموقع "سكاي نيوز عربية" عبر الهاتف من المدينة أن القتال ينتشر الآن في أربع مناطق من الإقليم الذي تسكنه مجموعات عرقية مختلفة.
واندلعت أعمال العنف تلك إثر خلافات بين مجموعات قبلية حول مسائل تتعلق بتقسيمات وزعامات الإدارة الأهلية بالمنطقة.
وحملت لجنة أطباء السودان المركزية الأجهزة الأمنية مسؤولية تدهور الأوضاع لعجزها عن حماية السكان والممتلكات.
وتعتبر أحداث منطقة النيل الأزرق الأخيرة وكسلا هذه واحدة من سلسلة أعمال دموية تشهدها العديد من أقاليم السودان.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، قتل أكثر من ألف شخص في إقليم دارفور بسبب نزاعات مسلحة تأثرت بها العديد من مناطق الإقليم الذي يشهد منذ العام 2003 حربا أهلية راح ضحيتها أكثر من 300 الف قتيل وأدت إلى تشرد نحو 2.5 ملايينن معظمهم من الاطفال والنساء.