تنذر أجواء العاصمة الليبية طرابلس بتجدد الاشتباكات التي اندلعت قبل يومين بين فصائل مسلحة متصارعة على النفوذ؛ حيث تتجه أرتال عسكرية ضخمة منذ يومين إلى معسكرات بالمدينة، وأخرى تتمركز عند أطرافها.
وتوقع محللون سياسيون ليبيون في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن تتوسع الاشتباكات لتشمل مدنا أخرى في غرب ليبيا، وليس فقط العاصمة، بعد استدعاء الميليشيات الدعم من حلفائها في هذه المدن، وإصرارها على السيطرة على أكبر مساحة من الأرض والمرافق قبل انتهاء "أزمة الحكومتين".
وخرجت الأرتال من مدينتي مصراتة والزاوية، غربي البلاد، مدججة بمدفعية ودبابات ومئات العناصر الموالية للجانبين المتنازعين بين دعوات للتهدئة.
وتمركزت الميليشيات عند أطراف طرابلس، ودخل بعضها لمعسكرات كل جانب، وسط استنفار ودوريات مستمرة بين الجانبين في مناطق نفوذهم.
غياب مظاهر الحياة
وعاشت العاصمة اليومين الماضيين حالة رعب تحت وطأة الاشتباكات التي وقعت الجمعة والسبت بين ميليشيات "كتيبة النواصي" و"جهاز دعم الاستقرار"، بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وسط أنباء بسقوط قتلى ومصابين.
ونشبت الاشتباكات نتيجة رغبة الجانبين في توسيع رقعة نفوذهما في العاصمة بالسيطرة على بعض المرافق؛ ما دفع السكان للاحتماء في منازلهم وغابت مظاهر العيش داخل المدينة.
استدعاء الحلفاء
وقال مصدر أمني لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، حاول الاتصال بالجانبين وجمعهما لحل الأزمة، لكن الأمور ساءت.
وأوضح أنه استعان بمشايخ وحكماء مصراتة والزاوية للتأثير على قادة الميليشيات، والمفاوضات تجري حتى اللحظة لمنع التصعيد وسحب التعزيزات من المدينة، وفي المقابل استدعى الطرفان المتحاربان ميليشيات حليفة للدعم.
وأدانت الجامعة العربية والأمم المتحدة في بيانين منفصلين ما شهدته طرابلس من اشتباكات، ودعتا الميليشيات المسلحة لسرعة التوقف عن الاقتتال؛ تجنباً لعودة الحرب الأهلية، وحفاظاً على اتفاق وقف إطلاق النار، باعتباره المنجز الأبرز والأهم الذي شهدته ليبيا منذ أكتوبر 2020.
توسع لمدن أخرى
وأرجع المحلل السياسي الليبي إبراهيم الفيتوري، الأزمة لـ"تعنت" رئيس الحكومة السابق عبد الحميد الدبيبة، ورفضه تسليم الحكومة لرئيس الحكومة المكلفة من البرلمان، فتحي باشاغا؛ ما هيأ للميليشيات الموجودة في العاصمة الفرصة للطمع في السيطرة على أكثر ما يمكن كورقة سياسية ومالية تضمن بقاءها وقوتها.
ونبَّه إلى أن هذه الاشتباكات ناقوس خطر كبير "فهي وصلت لسوق الثلاثاء وسط العاصمة، والأهالي وصلهم دوي الانفجارات والاشتباكات، بخلاف وجود تحشيد كبير من الميليشيات، فيما يبدو أن هناك فصلاً جديداً من الاشتباكات قد تندلع في أي لحظة".
وتوقع زيادة رقعة الاشتباكات لتصل إلى مدن غرب ليبيا بأكملها بعد أنباء استدعاء الحلفاء.
ويتوقع المحلل السياسي سلطان الباروني، بأن تستمر الاشتباكات فترة طويلة، خاصة أن هدفها بسط النفوذ ومحاولة السيطرة على أكبر قدر من المرافق.
وبوصف الباروني، فالأمور "بدأت تخرج عن السيطرة من الدبيبة، خاصة بعد ذهابه لمصراتة بحجة حضور بعض الفعاليات".
وأضاف: الآن تدار الأمور في طرابلس والغرب كله من جانب الميليشيات ومحافظ البنك المركزي؛ فأحدهما لديه القوة والسلاح والآخر المال.
وحذر الباروني من أن "الميليشيات المتحاربة بدأت تستدعي حلفاءها، والتحشيدات في محيط العاصمة على أشدها، وهذا مؤشر خطر وقد ينذر بكارثة كبيرة تدخل البلاد في نفق مظلم مرة أخرى.
وعلّق رئيس الوزراء الليبي المكلف من البرلمان، فتحي باشاغا، على اشتباكات السبت قائلاً على موقع "تويتر": "حماية المدنيين والأبرياء من المواطنين العزل لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال ترتيبات أمنية بإشراف البعثة الأممية لإخلاء العاصمة من كل أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة".