أظهرت النتائج الأولية وغير الرسمية للانتخابات النيابية في لبنان جملة مفاجآت، اعتُبرت خارج التوقعات، أبرزها تلقي "حزب الله" وحلفاءه ضربة قوية.
وكشفت النتائج الأولية سقوط شخصيات سياسية وازنة، على رأسها رئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" بزعامة طلال أرسلان المدعوم من "حزب الله"، ونائب رئيس البرلمان إيلي فرزلي، في حين تمكّن رئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع من انتزاع الأكثرية النيابية من غريمه رئيس "التيار الوطني الحر"، بينما استطاع مرشحون عن المجموعات المدنية المستقلة حصد مقاعد برلمانية في دوائر حزبية، كانت تُعتَبر عصيّة على الخرق.
المعركة كانت على 101 مقعدا
وقال عضو الجبهة السيادية، المحلل السياسي بشارة خير الله، لموقع "سكاي نيوز عربية": "عمليا، جرت المنافسة في الانتخابات على 101 مقعدا من أصل 128 يتشكل منها المجلس النيابي، لأن 27 مقعداً شيعياً لا يمكن لأي كان مهما علا شأنه أن يسيطر عليها، وهذه المقاعد محتلة من الثنائي الشيعي بالقوة لأن هذا الفريق منع كل المعارضين الشيعة أو التغييرين من الاقتراب منها بالقوة".
ورأى أن المعركة كانت في الدوائر السنية والدرزية والمسيحية "باستثناء الدوائر الشيعية في 27 مقعدا محسومة سلفا بقوة السلاح غير الشرعي".
وأضاف: "من المهم التأكيد على أن عصر استمرار الغطاء المسيحي الأكبر لفريق إيران في لبنان بدأ بالانحسار، فقد بدأنا بـ70 في المئة من المسيحين في عام 2005 ومن ثم انتقلنا إلى 51 في المئة في عام 2009 حتى 2018، واليوم 2022 صار الفريق المسيحي المغطي لهيمنة إيران على القرار اللبناني أقل من الفريق المسيحي الرافع للغطاء".
وعلى صعيد المقاعد الدرزية، قال خيرالله: "خرج الفريق الدرزي المغطي لحزب الله من السباق لصالح الفريق الدرزي الرافض لهيمنة السلاح، وهذه النقطة مهمة ويجب اعتبار 15 مايو جولة من معركة طويلة بدأت وصارت الجبهة السيادية اليوم هي الكتلة النيابية الأكبر على الإطلاق في المجلس النيابي الجديد".
مؤشر إيجابي ..نتائج ممتازة
من جهته، وصف الكاتب الصحفي اللبناني منير الربيع النتائج الأولية بـ"الممتازة، التي أظهرت تفوق القوات اللبنانية مسيحيا، وتقدم السنة المتحالفين مع القوات اللبنانية، وبالتالي كسرت نظرية أن الناخبين السنة لا يريدون التحالف مع القوات، ومن لم يشأ التحالف مع القوات كانت النتيجة المفاجأة أنه سقط في الانتخابات".
وأضاف: "كان من الواضح أن تيار المستقبل أفقد نفسه القدرة على استعادة التوازن السياسي واستعادة البوصلة السياسية وكأنه يريد أن يطعن إخوته في الطائفة، كما حصل مع المرشح السني مصطفى علوش في طرابلس ولائحة الرئيس فؤاد السنيورة في بيروت ومرشح مسؤول المستقبل سابقا في مدينة صيدا يوسف النقيب".
وتابع: "على الصعيد الشيعي، تراجعت الأرقام بالنسبة إلى حزب الله كما تراجعت نسبة تصويت الناخب الشيعي، وهذا بحد ذاته مؤشر يوضح مسار الصورة للمرحلة المقبلة، ويمكن البناء على أي فعل تراكمي في هذا المجال خصوصاً وأن قوى المعارضة في الجنوب قد حققت خروقات".
وختم الربيع بالقول: "ليس تفصيلاً أن نشهد رموزاً من أبرز حلفاء حزب الله والذين كانوا يمنحونه الغطاء سواء في الطائفة السنية أو الدرزية أو المسيحية قد سقطوا أو ترجعوا أو تقلصت أحجامهم، وبالتالي هذا أيضا مؤشر يمكن أن يبنى عليه للمرحلة المقبلة".
خرق الصمت
وقال الكاتب والمحلل السياسي أسعد بشارة، لموقع "سكاي نيوز عربية": "يمكن استخلاص نتيجتين من هذه الانتخابات، أولها أن حلفاء حزب الله أصيبوا بانتكاسة مهمة خصوصا على صعيد حليفه التيار العوني التي هبطت نسبة تمثيله بشكل وازن وثانيا بعض الرموز من حلفاء حزب الله لم يتمكنوا من الفوز، مثل طلال أرسلان ووئام وهاب كما سجلت البيئة السنية مشاركة كبيرة خلافا لدعوات المقاطعة أعادت رسم تمثيل سني انقسم إيجابيا ما بين المجتمع المدني وبين القوى السيادية وهذا يعتبر إنجازا مهما".
وأردف قائلا: "ما كان متخوفا منه من أن لا يصوت اللبنانيون للتغيير انتهى، اليوم النتائج تشير إلى أن اللبنانيين يريدون التغيير، انتخابات لم تكن المشاركة فيها كبيرة إلا أن الرسالة كانت الرغبة بانتقال لبنان من مرحلة الانهيار إلى مرحلة بناء الدولة الحقيقية".