حذر قادة العراق، الثلاثاء، من تداعيات استفحال الأزمة السياسية في البلاد، التي تحول دون تشكيل حكومة جديدة عقب الانتخابات الأخيرة، التي جرت قبل أشهر، بينما أشار خبراء إلى التداعيات الخطيرة التي قد تنطوي على إعادة الانتخابات.
وفي احتفال عقد في بغداد، أكد الرئيس العراقي، برهم صالح، أن الانسداد السياسي الراهن "بات أمرا مقلقا"، وفق ما أوردت وكالة الأنباء العراقية الرسمية "واع".
وقال: "إن حالة الانسداد السياسي في إنجاز الاستحقاقات الدستورية وتشكيل حكومة جديدة بعد 5 أشهر على الانتخابات بات أمرا مقلقا وغير مقبول، ويؤدي لو استمر لانزلاق البلد في أتون متاهات خطيرة".
بدوره، أكد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أن الشعب العراقي قلق من نتائج الانسداد السياسي، مؤكدا ضرورة الاعتراف في الأزمة السياسية.
وتابع، "نعترف أننا نعيش اليوم أزمة سياسية ونجتهد في إيجاد الحلول وأحيانا نجتهد في ابتكار العوائق والانسدادات، وعلينا أن نعترف كذلك أن شعبنا قلق من نتائج الانسداد السياسي بما يعرقل مسار حياته، فالشعب أوفى بعهده تجاه الدولة".
مسار الأزمة
وكان العراق أجرى انتخابات برلمانية في أكتوبر الماضي، وأسفرت حينها عن حصول التيار الصدري على الحصة الأكبر من مقاعد البرلمان، وتراجع قوى ما تعرف بالإطار التنسيقي الموالية لإيران.
ولم تفلح نحو 6 أشهر من المشاورات بين القوى السياسية في ردم هوة الخلافات، بين حكومة توافقية كما جرت العادة وحكومة أغلبية كما يريد التيار الصدري.
ويدور الخلاف حول أحقية أي طرف باختيار شخصية رئيس الوزراء، فضلا عن الخلاف بين الصدر وزعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، الذي ينتمي إلى الإطار التنسيقي.
ومنذ عام 2003، تتشكل الحكومات العراقية وفقا مبدأ "التوافق"، إذ تحصل جميع الكتل البرلمانية على وزراء في الحكومة، فضلا عن عشرات المناصب الإدارية الوسطى.
لكن تحالف "إنقاذ الوطن"، المتشكل من الصدر، والحزب الديمقراطي الكردستاني، وتحالف "السيادة"، يسعى إلى تأليف حكومة أغلبية سياسية، تتحمل المسؤولية، فيما يأخذ الآخرون دور المعارضة.
وما عاق هذا المسار، هو عدم تمكن هذا التحالف من اختيار رئيس جديد للجمهورية، بسبب حاجته إلى نحو 20 مقعدا نيابيا آخر، في الجلستين اللتين عُقدتها الشهر الماضي، ومطلع أبريل الجاري.
تحركات بعد تململ
ومع حلول شهر رمضان، ألقى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الكرة في ملعب خصمه "الإطار التنسيقي" ودعاهم إلى تشكيل الحكومة، في مهلة قدرها 40 يوما، وهي خطوة أراد منها الصدر إحراج شركائه.
وخلال اليومين الماضيين بدت الكتل السياسية أكثر اهتماما بمسار تشكيل الحكومة، عقب احتجاجات شهدتها العاصمة بغداد، للمطالبة بالإسراع في إجازة حكومة جديدة.
وتظاهر مئات العراقيين في ساحة التحرير وسط بغداد، احتجاجا على تأخر تشكيل الحكومة والانسداد السياسي الحاصل، وطالبوا بالإسراع في تشكيل الحكومة.
خيار إعادة الانتخابات
وفي غمرة هذا الجدل المتسارع، بدا سيناريو إعادة الانتخابات أحد الحلول المعقولة بالنسبة للكتل السياسية، فيما رأى مراقبون أن التلويح بتلك الورقة يأتي للضغط على النواب المستقلين، الذين يخشون من خسارة مقاعدهم في حال إعادة الانتخابات، محذرين من تداعيات اللجوء إليه.
وقال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، والنائب في البرلمان، ماجد شنكالي، إن حل مجلس النواب هو أحد السيناريوهات المطروحة في حال استمر الانسداد السياسي، إلا ان هذا السيناريو هو "الأخطر".
وأضاف: "إذا استمر الانسداد السياسي، فقد يناقش تحالف (إنقاذ الوطن) الذي يملك الأغلبية المطلقة من أعضاء مجلس النواب، السيناريو الأخطر، وهو حل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة مع صعوبتها، نظراً لعدم توفر قانون لذلك أو من سيتولى الاشراف عليها، خاصة وأن الحكومة لا تملك كامل الصلاحية".
ويرى المحلل السياسي، عماد محمد، أن "إعادة إجراء الانتخابات يمثل خياراً اضطراريا، ويبدو أن هناك صعوبة في تنفيذه، بسبب رغبة الجميع بالإبقاء على المجلس الحالي".
وأضاف محمد في تصريح لموقع"سكاي نيوز عربية" أن "الكتل السياسية الحالية الفائزة ربما ستحقق فوزاً أعلى في حال إعادة الانتخابات، بسبب حالة الاستقطاب التي سيشهدها العراق، والتحشيد الهائل للجهور الانتخابي، وهو سيناريو يد يفضي إلى نتائج خطيرة، أبعد من ممارسة ديمقراطية".