في ظل الوضعية المائية "المقلقة" التي يشهدها المغرب، أطلقت وزارة التجهيز والماء حملة واسعة لأجل التوعية بأهمية الحفاظ على الماء.
وتعاني المملكة موسم جفاف بسبب قلة التساقطات أثرت على الموارد المائية، إذ تعد هذه السنة من أشد مواسم الجفاف التي شهدها المغرب منذ ثمانينيات القرن الماضي.
وكان المجلس الأعلى للحسابات (مؤسسة دستورية دورها مراقبة تدبير الأموال العمومية) قد نبه في تقريره الأخير، إلى وجود المغرب ضمن عشرين دولة تصنف عالميا في وضعية "إجهاد" من حيث توفر الموارد المائية.
خطط وزارية لتجاوز الجفاف
في خطتها لتجاوز تداعيات الجفاف ومشكلة ندرة المياه بشكل عام، إلى جانب مباشرتها حملات توعية واسعة النطاق لإقرار التعامل العقلاني مع الموارد المائية، وضعت الوزارة الوصية إجراءات وتدابير؛ تتمثل أساسا في تسريع أعمال تزويد المراكز القروية انطلاقا من منظومات مائية مستدامة، في إطار المخطط الوطني للتزويد بالماء الشروب والسقي (2020-2027).
كما تصبو الوزارة إلى تقوية عمليات استكشاف موارد مائية إضافية، خصوصا عبر إنجاز ثقوب لاستغلال المياه الجوفية، إلى جانب الاقتصاد في استعمال الماء والحد من الهدر، خصوصا بقنوات الجر والتوزيع.
وستعمل الوزارة أيضا وتزويد المراكز والقرى التي تعاني من شح الموارد المائية والبعيدة عن المنظومات المائية المهيكلة عن طريق شاحنات صهريجية، وإيقاف سقي المساحات الخضراء بواسطة الماء الشروب واللجوء إلى استعمال المياه العادمة المعالجة في حال توفرها.
تغيرات مناخية وأنشطة الإنسان
في تعليقه على خطة الوزارة، يقول المسؤول عن لجنة التدبير المندمج للموارد المائية في الائتلاف المغربي من أجل المناخ، عمر الودادي: "الرسائل لا بد أن تصل للجميع؛ فتكثيف القطاع الوصي لحملات التوعية أكثر من واجب، باعتبار تدبير هذا المورد الطبيعي مرتبط بتضافر جهود كل الفئات المستهلكة وكل المواطنين، سواء على المستوى المنزلي أو في القطاعات الانتاجية".
واعتبر عمر الودادي، في تصريحه لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "ما يعيشه المغرب غير مرتبط بشكل مطلق بتأخر التساقطات، بل هو مرتبط بشكل مباشر بالتغيرات المناخية التي تعرفها دول العالم ودول الجوار ودول حوض البحر الأبيض المتوسط بشكل خاص".
وأوضح عضو الائتلاف المغربي من أجل المناخ، أن "هناك ارتباطا مباشرا بين أنشطة الإنسان، خصوصا بالاعتماد على مصادر الطاقة الأحفورية الملوثة، والتغيرات المناخية التي يشهدها العالم".
ويتابع أن "وضعية الأمن المائي على المستوى الوطني أكثر من مقلقة، خصوصا أنه انتقلنا من 2600 متر مكعب لكل مواطن سنويا إلى أقل من 600 متر مكعب لكل مواطن سنويا".
تدبير مائي غير فعال
يرى رئيس جمعية أساتذة علوم الحياة والأرض، عبد الرحيم قصيري، أن "جزءا كبير من ندرة المياه في المملكة، يرتبط بالسياسة المائية وبتدبير وحكامة المرفق المتعلق بالماء على المستوى المحلي وعلى المستوى الوطني وعلى مستوى الفردي والجماعي كذلك".
ويؤكد قصيري لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، أن هذه العوامل "مسؤولة عن تبذير المياه وتلوثها، مما ينعكس على جودة المياه الأخرى".
ويذهب الناشط في قضايا البيئة، إلى أن "المغرب ليس له أي خيار سوى تثمين المجهودات التي بدأها منذ سنين في مجال الماء، خصوصا سياسة السدود منذ 1959، إلى جانب سياسية أخرى تنتهجها المملكة التي ترتبط بإنشاء محطات لتحلية مياه البحر".
لكن هذا ليس كافيا لموجهة ندرة المياه، بل "هناك حلول أخرى لتوفير المياه؛ من بينها توفر المغرب على 400 ألف هكتار من المناطق الرطبة تعتبر خزانات طبيعية يجب حمايتها من التلوث والحفاظ عليها من التبذير، إضافة إلى المياه الجوفية التي تستنزف بشكل غير عادي، ما يستدعي تطبيق عقدة الفرشة المائية مع كل مستعملي هذه المياه"، يستطرد رئيس جمعية أساتذة علوم الحياه والأرض.
ولفت المتحدث نفسه، إلى ضرورة اللجوء إلى "تقنية جمع المياه في إطار استراتيجية جديدة وبآليات جديدة، بالاستناد إلى تجارب مغربية سابقة في جمع المياه".
استغلال مفرط وتوزيع غير عادل
ولاحظ تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الاستغلال المفرط للمياه الجوفية، إذ تبلغ كمية الموارد المائية المستنزفة وغير القابلة للتجديد 1.1 مليار متر مكعب، مقابل كمية تناهز 1.7 مليار متر مكعب سنويا من المياه السطحية المعبأة مسبقا بواسطة السدود دون أن تُستعمل.
وكشف التقرير أن السدود تعاني من ظاهرة التوحل التي تؤدي إلى تناقص سعتها التخزينية الإجمالية للمياه بما يقدر بـ75 مليون متر مكعب سنويا.
كما سجل تقرير المجلس، أن الوضع المائي في المغرب الذي يتوفر على موارد مائية تقدر بنحو 22 مليار متر مكعب في السنة، يتسم بتوزيع بنيوي غير متوازن بين الأحواض المائية من حيث الإمدادات السنوية بالمياه.
وأشار إلى وجود فائض في بعض الأحواض المائية يتم تصريفه أحيانا في البحر دون الاستفادة منه، بالمقابل تعاني بعض المناطق الأخرى من صعوبة توفير موارد مائية من أجل السقي وفي بعض الحالات من أجل الشرب.