يجري المغرب وفرنسا مناورات عسكرية مشتركة في منطقة الرشيدية جنوب شرقي المملكة، انطلقت في الأول من مارس الجاري وتستمر إلى 25 منه.
وتدخل هذه المناورات التي تحمل اسم "شركي 2022" في إطار تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، والوقوف على مدى جاهزية الوحدات العسكرية الجوية والبرية.
و"شركي 2022" هو تمرين عسكري مشترك يندرج في إطار مهام الدفاع عن الوحدة الترابية، وتعزيز قدرات التخطيط وتطوير التشغيل البيني التقني والعملياتي بين القوات الملكية والجيش الفرنسي، حسب القيادة العامة للقوات المسلحة.
وتعتبر هذه التدريبات من بين أولى الأنشطة الدولية في المنطقة العسكرية الشرقية، التي شيدها المغرب يناير الماضي للحد من الجريمة العابرة للحدود.
تعزيز القدرات الدفاعية
وتتوخى هذه المناورات، التي تجري بمشاركة وحدات من الطيران الخفيف للقوات البرية الفرنسية، اختبار جاهزية القوات على مستوى القطاع، وقدرتها على القيام بمهام متعددة، كما تندرج ضمن تمرين متعدد الجنسيات وأسلحة متنوعة، وفق ما أورد منتدى "فار ماروك" المتخصص في نشر أخبار القوات المسلحة الملكية المغربية على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويقول خبير الشؤون العسكرية والأمنية، محمد شقير، إن هذه التدريبات، تندرج في إطار مناورات دورية مشتركة يجريها المغرب مع دول عدة، قصد تحديث جيشه واختبار الأسلحة التي يقتنيها من أجل تقييم فعاليتها وقدراتها.
وتكمن أهمية المناورات الجارية أيضا، بحسب الخبير الأمني والعسكري، في كونها تروم الوقوف على تطور وجاهزية الجيش المغربي ومدى استعداده لمواجهة الأخطار وتأمين حدود البلاد.
وقال شقير لـ"سكاي نيوز عربية" إن هذا التمرين العسكري يتماشى مع الاستراتجية العسكرية للمغرب، والتي ترتكز أساسا على تطوير وتعزيز القدرات الدفاعية للجيش المغربي.
ويتابع الخبير العسكري أن: "المغرب يعمل جاهدا وبشكل متواصل على تقوية وعصرنة جيشه، ليس عبر اقتناء عتاد متطور فحسب، بل وعبر المشاركة في تدريبات عسكرية، وتنظيم مناورات ضخمة من قبيل تدريب "الأسد الإفريقي".
وإلى جانب الأهمية العسكرية التي تكتسيها هذه المناورات، يرى شقير أن هذه الأخيرة في الظرفية الحالية وفي ظل التطورات التي يشهدها العالم، تنطوي أيضا على هدف سياسي إلى جانب الهدف العسكري.
قوة إقليمية
وتأتي مناورات "شركي 2022"، في وقت حققت فيه المملكة المغربية انتصارات دبلوماسية غير مسبوقة في قضية الصحراء المغربية، آخرها تغيير إسبانيا لموقفها من قضية الصحراء المغربية وإعلانها دعمها الواضح والصريح لمبادرة الحكم الذاتي كحل جدي وواقعي لتسوية هذا الملف، وهو الموقف ذاته الذي تتبناه الحكومة الفرنسية.
وجددت فرنسا، الاثنين، دعمها لمخطط الحكم الذاتي المقدم من طرف المغرب باعتباره أساسا للنقاش، من أجل تسوية النزاع حول الصحراء.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية، إن موقف فرنسا من قضية الصحراء "ثابت لصالح حل سياسي عادل، ومقبول لدى الأطراف، وفقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ومن هذا المنظور فإن مخطط الحكم الذاتي المغربي يشكل أساسا للنقاش جادا وذا مصداقية".
يقول سعيد خمري، رئيس المركز الديمقراطي المغربي للدراسات والأبحاث، إن تزامن المناورات العسكرية المغربية الفرنسية، مع الزخم الذي تعرفه قضية الصحراء المغربية، يعكس رغبة فرنسا في ترسيخ تعاونها التاريخي مع المملكة على مختلف الأصعدة من ضمنها العسكري.
ويضيف خمري، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن تكثيف التعاون بين البلدين ينسجم مع الموقف الفرنسي الداعم لمقترح الحكم الذاتي كحل أكثر جدية وواقعية للنزاع حول الصحراء، والذي يكرس سيادة المغرب على كامل أراضيه.
ويوضح المتحدث أن التدريبات العسكرية الجارية، تؤكد الأهمية التي يحظى بها المغرب كقوة إقليمية صاعدة، على المستوى الاقليمي والدولي، بفضل دبلوماسيته العقلانية والدينامية التي تلفت أنظار الفاعلين الدوليين.
كما تؤكد، حسب الباحث السياسي، المكانة التي يحظى بها هذا البلد المغاربي، كبلد فاعل في حفظ الأمن والسلام في محيطه القاري، ودوره في محاربة الجريمة العابرة للحدود والإرهاب والهجرة غير الشرعية.
ويلفت الخمري إلى أنه بات من مصلحة الدول الأوروبية اليوم العمل على تقوية علاقاتها مع جار قوي ضامن للاستقرار والأمن في منطقته.