خيَّم شبح الانقسام الحكومي من جديد في ليبيا، بإعلان النائب الأول لرئيس الحكومة الليبية الجديدة علي القطراني بدء عمل الحكومة في إقليم برقة (المنطقة الشرقية من ليبيا)، فيما يواصل عبدالحميد الدبيبة رئيس الحكومة السابقة من مقره في المنطقة الغربية رفض تسليم السلطة.
وتتزامن هذه الخطوة مع لقاء مرتقب بين رئيس الحكومة الجديدة فتحي باشأغا بمستشارة الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، ستيفاني وليامز، في العاصمة التونسية لإجراء مباحثات يتوقع أن تناقش سبل إنهاء أزمة تسليم السلطة.
وبالتوازي لم تسفر جلسة مجلس الأمن الدولي التي انعقدت، الخميس، حول الملف الليبي إلا عن تصريحات عائمة، مثل الدعوة لما أسموه بـ"حماية المكاسب" حسب تعبير ممثل فرنسا، والتعامل مع هذا الملف بالكثير من "الحذر والصبر" بتعبير ممثل ألبانيا، والتأكيد على أن الليبيين يريدون الانتخابات بحسب الولايات المتحدة.
وجاءت تصريحات علي القطراني بأن الشرق الليبي يتبع الحكومة الجديدة في مؤتمر صحفي، الخميس، إثر تسلّم مهامه ومباشرة عمله من ديوان مقر الحكومة بمدينة بنغازي.
وقال: "بصفتي نائبًا لرئيس الحكومة فقد كُلفنا باستلام ديوان رئاسة الوزراء ومقار الوزارات الواقعة في شرق البلاد".
عرقلة دولية
وبحسب المحلل السياسي عمر أبوسعيدة فإن هذه الخطوة متوقعة بعد إصرار رئيس الدبيبة على عدم تسليم مقاليد الأمور للحكومة الجديدة في العاصمة طرابلس.
ويضيف أبو سعيدة لموقع "سكاي نيوز عربية" أن تصريح القطراني ببدء العمل من بنغازي، يأتي "ردًا على عدم جدية المجتمع الدولي، وكذلك المؤسسات في غرب ليبيا التي دائمًا ما ترفض الحلول الليبية التي يُمكن أن تخدم جميع الأطراف"، مبينًا أن هناك تخوفًا من أن تعود البلاد إلى الانقسام الذي شهدته البلاد فترة الحكومتين، حكومة فايز السراج في غرب ليبيا، وحكومة عبدالله الثاني في شرقها.
وبالمثل، يعتبر أستاذ العلوم السياسية سليمان القاضي أن "مواقف الدول الكبرى ومنظمات المجتمع الدولي، هي من تعرقل الحلول الناجعة والتوافقات المحلية"، مشيرًا إلى تصريح مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، بأن "السلطة التنفيذية الليبية تواجه أزمة يمكن أن تؤدي، إذا لم يتم حلها، إلى زعزعة الاستقرار وإلى حكومات موازية في البلاد".
ولفت القاضي في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" إلى أن مثل هذه التصريحات "تتمحور حول الخوف والتحذير، لكنها لا تشير إلى أسباب واضحة للأزمة، كما أن مجلس الأمن لم يكن واضحًا أو صارمًا إزاء عملية الاعتراف بشرعية الحكومة الجديدة برئاسة فتحي باشأغا؛ لذلك مواقف الدول الكبرى والمؤسسات الدولية هي من تؤزم الحالة الليبية، وقد تؤدي إلى الاقتتال الليبي- الليبي خصوصًا بين المليشيات غرب البلاد".
وفيما تواجه ستيفاني ويليامز انتقادات ليبية حول "عدم صرامتها" في تنفيذ خريطة الطريق الليبية، يستعد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لتقديم أسماء المرشحين لتولي منصب مبعوث الأمين العام إلى ليبيا إلى مجلس الأمن، وهو المنصب الشاغر منذ استقالة السلوفاكي يان كوبيش نوفمبر الماضي.
وتدور في الكواليس صراعات دبلوماسية حول اسم المبعوث الجديد، حيث تريد الولايات المتحدة أن يكون من نصيب الدبلوماسية الأميركية ستيفاني ويليامز، وهو ما ترفضه روسيا، ويريد الاتحاد الإفريقي من جانبه أن يكون المبعوث من قارة إفريقيا.
وهاجم المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة ستيفاني ويليامز بقوله: "لا نحصل حاليًا إلا على المعلومات القليلة من ويليامز، وحاملو القلم في هذا الملف لا يتحلون بنفس النشاط الذي يقومون به في قضايا أخرى".