يتحسّس رئيس الحكومة العراقية الحالية مصطفى الكاظمي، الحوارات السياسية الجارية ومؤشر حظوظه في الحصول على ولاية ثانية لرئاسة الوزراء، وسط متغيرات متسارعة، تشهدها غرف السياسة في البلاد.
وأبرز تلك المتغيرات، هو تقارب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مع خصمه اللدود، رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي وترشيح جعفر الصدر، ابن عمّ مقتدى الصدر، لرئاسة الحكومة، حيث يحظى بقبول واسع في الأوساط السياسية.
ورغم هذا التقارب فإن الطريق ليس معبدًا، فجعفر الصدر بعيد نسبيًّا عن الأضواء السياسية في البلاد، حيث يتسلم مهام سفارة بغداد في لندن، كما أن الخلافات التي بدأت بالظهور عقب التقارب الأخير قد تفسد اختياره رئيسًا للحكومة.
من جهة قوى الإطار التنسيقي، وائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، فإن جعفر الصدر، هو نجل مؤسس حزب الدعوة، ويتوافق مع رؤيتهم في الكثير من المناحي، ولا يمكنهم رفضه. أما التيار الصدري، وإن كان جعفر لا ينتمي لمنظومة التيار بشكل فعلي أو يمارس مهامّ كما هو حال الآخرين، لكنه لقربه من العائلة سيكون مرشحًا مناسبًا.
المتغيرات سريعة
باتت مسألة ترشيح الصدر شبه حتمية في الأوساط السياسية، التي بدأت تتموضع وفق هذا المسار وتُرتّب أوضاعها على مقاسات رئيس الحكومة الجديد.
غير أن سياسيًّا مُقرّبًا من رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، قال إن "ترشيح السيد جعفر الصدر، خيار سياسي لا يمكننا أن نتدخل فيه، والكاظمي أعلن قبل أيام أنه أدى مهامه بقدر كافٍ من المسؤولية، وأوصل البلاد إلى بر الأمان، عبر إجراء الانتخابات التشريعية، أمام مسألة الولاية الثانية، فهي تكليف -إن حصل- فلدى الرجل القدرة الكافية على إدارة المرحلة المقبلة".
وأضاف السياسي، الذي رفض الكشف عن اسمه لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "متغيرات الساحة العراقية سريعة جدًّا، والكاظمي مقبول من الجميع أيضًا، وفرصة الولاية الثانية جيدة، خاصّة أن التوافقات ستحكم المرحلة المقبلة"، مشيرًا إلى أن "المقبولية المحلية والدولية وكذلك الإقليمية أصبحت شرطًا واقعيًّا لمن يتسلم هذا المنصب الحسّاس، حيث تحول العراق إلى ساحة تصفية حسابات، ومِن الضروري أن يتقدّم لهذا المكان، شخص يُجيد ترويض تلك الأطراف وإبعاد بلادنا عن الخطر المحدق بها".
والتقى الكاظمي، الصدر الشهر الماضي، في محل إقامته بمنطقة الحنّانة بمحافظة النجف، حيث مُنع الصحفيون من تغطية لقاء الطرفين والذي دام أكثر من ساعة، وأثار التكهنات، بشأن الاتفاق على ولاية ثانية للكاظمي، خاصة أن مشرق عباس المستشار السياسي لرئيس الوزراء، كان حاضرًا في اللقاء.
لم يعد خيار الصدر
ولدى الكاظمي تقارب واضح مع التيار الصدري، توجّه بهذا اللقاء، الأمر الذي طرح تساؤلات عن "ضوء أخضر" لتكليفه مرة أخرى بتشكيل الحكومة.
وحفّز وصول الكاظمي إلى أعلى منصب في الدولة، لإعادة تموضعه سياسيًّا والتوغل داخل العملية السياسية، مدفوعًا بجملة عوامل أسهمت في تعزيز مكانته، خلال الأشهر الماضية، وأظهرت قدرته على إدارة زمام الأمور في بلدٍ يعاني اضطرابات سياسية عاتية.
لكن المحلل السياسي علي البيدر، يرى أنّ "الكاظمي لم يعد الآن هو خيار التيار الصدري، كما كان سابقًا، خاصةً أن هناك متغيرات أضعفت من حظوظه، مثل المصالحة بين التيار الصدري، والإطار التنسيقي، الذي يرفض منح الكاظمي ولاية ثانية، بالإضافة إلى بعض الإخفاقات الحكومية، التي أضعفت حظوظه الشعبية؛ مثل قضية صرف الدولار أمام الدينار".
وأضاف البيدر، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "مجيء الكاظمي، كان لضرورة واضحة، وهي منع الدولة العراقية من الانهيار، وتوجيه الدولة نحو مسارات مدنية، وهذه القضية تحسب له أيضًا، بالإضافة إلى إجرائه الانتخابات المبكرة، وهو قد وُفق في تلك الإجراءات، ما دفع بعض الأطراف إلى فرض (فيتو) عليه، كعنوان سياسي، لإدارة البلاد".