يتطلع المغرب إلى توسيع قاعدة وارداته من الغاز الطبيعي عن طريق إيجاد منافذ جديدة وحلول مستدامة بغرض توفير أمنه الطاقي.
وكشفت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، الاثنين بالرباط، أن الحكومة تعمل على قدم وساق من أجل تسريع إمداد المغرب بالطاقة التنافسية.
وأوضحت بنعلي، في كلمة خلال افتتاح أشغال الدورة الخامسة عشرة لمؤتمر الطاقة، التي تنعقد تحت شعار "الانتقال الطاقي.. حصيلة مرحلة وآفاق سنة 2035"، أن لدى الحكومة استراتيجية تروم لرفع الأمن الطاقي بالمملكة إلى مستوى استراتيجي، وذلك تماشيا مع توصيات النموذج التنموي الجديد.
وأشارت الوزيرة إلى أن الحكومة المغربية تبذل جهودا دؤوبة لإمداد قطاعي الخدمات والصناعة بطاقة منخفضة الكربون، مسجلة، في المقابل، أن بلدا مستوردا للطاقة مثل المغرب "يعاني من آثار اضطراب أسعار الطاقة في ضوء السياق الجيو-سياسي العالمي".
دخول المغرب إلى السوق الدولية للغاز
وأوضحت المسؤولة الحكومية المغربية، ليلى بنعلي، أن "خطة المغرب تهدف إلى توفير رؤية بعيدة المدى لتحفيز المستثمرين"، وأردفت أنه "سيتم إعداد أربعة موانئ لاستقبال الغاز الطبيعي المسال، وبناء وحدات تخزينه ونقله إلى مواقع الاستهلاك".
وذكرت الوزيرة أن "الاقتصاد الوطني مازال يئن بسبب الجائحة، فيما زاد الوضع الجيوسياسي المتسم بالاضطرابات والاختلالات تأثيرا في المواد الأولية وسلاسل التوريد، خصوصاً أن المغرب يستورد الطاقة من الخارج".
وفي هذا السياق، علمت "سكاي نيوز عربية" أن المكتب المغربي للهيدروكاربورات والمعادن وقع، الثلاثاء، اتفاقا مع الشركة البريطانية "ساوند إنرجي" لربط خط أنبوب الغاز المستقبلي الذي يربط تندرارة بخط أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي.
وبموجب هذا الاتفاق، الذي يندرج في إطار تطوير حقل تندرارة، سيُمنح للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، المالك والمستغل لخط أنبوب الغاز المغاربي - الأوروبي، امتياز استغلال حقل تندرارة لشركة "ساوند انرجي" عبر خط أنبوب غاز جديد سيتم انشاؤه على 120 كيلومترا.
وقد تم توقيع برتوكول اتفاق يتعلق ببيع الغاز الطبيعي عقب عقد منح امتياز استغلال حقل "تندرارة" في أكتوبر 2019 بين المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب وشركة "ساوند إنرجي موروكو ايست ليميتد".
تنويع الشركاء
تعليقا على الموضوع، قال الخبير الاقتصادي رشيد ساري، إن الحرب في أوكرانيا أثرت على الإمدادات إلى المغرب، فالواقع الحالي فرض مجموعة من الظروف والإشكاليات، أولها ارتفاع الأسعار بشكل كبير بسبب الحرب.
إلى جانب ذلك، فإن التوقعات التي بنيت عليها الموازنة العامة قدرت أسعار الغاز في حوالي 459 دولار للطن الواحد، بينما الآن يتجاوز سعره ضعف هذه التوقعات.
وتابع الخبير، في تصريح خص به "سكاي نيوز عربية": "إلى حد الآن الرؤية لا تزال غير واضحة؛ هل سنتمكن من سد حاجياتنا كلها أم لا؟".
واستطرد ساري مؤكدا أن "المغرب انخرط في إطلاق عدة ورش للطاقات المتجددة، بحيث يوفر حاليا 23 في المئة من حاجياته، وسيصل هذا الاكتفاء إلى 52 في المئة".
وتابع أنه لحد الآن، يتوفر المغرب على مخزون جيد من الغاز، "ولكن إلى متى سيظل كافيا، فالرؤية تتسم بالضبابية بهذا الخصوص لأننا لا نعرف كم ستمتد الحرب. لكن، عموما، فإن المغرب لن يكتفي بالإمدادات التي تأتي من أوروبا والولايات المتحدة، بل سيتوجه نحو شركاء آخرين من الدول العربية".
اتفاقية بين الرباط ومدريد
في سياق متصل، اتفقت الرباط ومدريد على إعادة تشغيل أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي، حيث أعلنت إسبانيا أنّها ستساعد المغرب على "ضمان أمنه في مجال الطاقة" عبر السماح له باستيراد الغاز عبر خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي "جي إم إي"، الذي كانت الجزائر تستخدمه لتصدير الغاز إلى أوروبا قبل أن تتوقف عن استخدامه في أكتوبر.
وكشفت وزارة التحول البيئي الإسبانية في بيان إن "المغرب طلب دعماً لضمان أمنه في مجال الطاقة على أساس علاقاتنا التجارية، وإسبانيا ردّت إيجاباً كما كانت ستفعل مع أيّ شريك أو جار".
وأضافت: "سيكون بمقدور المغرب الحصول على الغاز الطبيعي المسال من الأسواق الدولية، وإيصاله إلى مصنع لإعادة التحويل في شبه الجزيرة الإسبانية، واستخدام خط أنابيب الغاز المغاربي لنقله إلى أراضيه"، من دون إعطاء أي تفاصيل بشأن الجدول الزمني لهذا الاتفاق أو كميات الغاز التي ستنقل عبر هذا الخط.
وأكد الخبير الاقتصادي رشيد الساري، أن "هذه الخطوة تعبر على أن العلاقات المغربية الاسبانية صامدة رغم ما تعرفه أحيانا من مد وجزر.
وسيمكن هذا القرار المغرب حتما من التزود بحاجياته من الغاز، أي أن الإمدادات ستكون في الاتجاه العكسي، وليس من المغرب إلى إسبانيا كما جرت العادة سابقا".
تجدر الإشارة إلى أن الغاز الموجه للاستهلاك في المغرب، يستفيد من دعم الحكومة من خلال صندوق المقاصة، بخلاف المحروقات التي تخضع لأسعار السوق.
وأفادت وزارة الاقتصاد والمالية المغربية في بيان، أن تكاليف المقاصة ارتفعت إلى 2,4 مليار درهم (حوالي 244 مليون دولار) عند متم فبراير 2022.
وأوضحت الوزارة، في مذكرة حول وضعية التحملات وموارد الخزينة لشهر فبراير 2022 ، أن هذا الارتفاع يعزى إلى زيادة أسعار غاز البوتان، الذي بلغ متوسط 856 دولار للطن، مقابل حوالي 539 دولار للطن سنة قبل ذلك، مسجلة أن نسبة الإنجاز بلغت 31 في المائة.