كشفت مصادر أهلية في مصراتة (غربي ليبيا)، عن تعرّض أعيان وشخصيات عامة في المدينة لتهديدات من ميليشيات ومجموعات مسلحة بها، "لم يرُقْ لها" موقفها المحايد في الأزمة الحالية بين رئيس الوزراء المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا، ورئيس الحكومة منتهية الولاية عبدالحميد الدبيبة.
وأوضحت المصادر لـ"سكاي نيوز عربية"، أن قادة تلك المجموعات أبدوا "ضيقهم" من عدم اتخاذهم موقفا مناوئا لـ"باشاغا" وحكومته الجديدة، قائلين إنهم "سيدفعون ثمن الإمساك بالعصا من المنتصف"، حسب وصفهم.
وأشارت إلى أن أعيان وشخصيات في المدينة طلبوا من "باشاغا" و"الدبيبة"، تجنيب مصراتة الصراع الداخلي بين المجموعات المسلحة العديدة المنتشرة بها، و"الخروج بخلافاتهم منها"، ولكنهم لم يمنعوا الطرفين من إجراء زيارات ولقاءات بها خلال الفترة الماضية.
ويرى مهتمون بالشأن الليبي أن العديد من الأصوات في مصراتة سعت إلى ضبط الوضع في المدينة؛ كي لا تكون مسرحًا للمواجهات، وذلك في ظل الحشد من مجموعات الطرفين، وقد شهدت وقائع كادت تتطور إلى مواجهات مفتوحة، خصوصًا حين أقدمت قوة مؤيدة لـ"الدبيبة" على خطف وزراء ضمن التشكيل الحكومي الجديد لـ"باشاغا"، إلا أن الأخير قال إنه "وأد الفتنة" وتجنّب "الاحتكام إلى السلاح".
خلق صراع
وقال الباحث السياسي الليبي عزالدين عقيل، إن تلك الأصوات في مصراتة ستورّط البلاد في صراع لا تُحمد عقباه، داعيًا "الأغلبية الصالحة" في المدينة إلى عدم السماح لهؤلاء بإشعال الفتنة، خصوصًا في ظل ما وصلت له البلاد من تراجع واسع في شتى المجالات الخدمية والأمنية وغيرها.
وأكد عقيل أن تلك المجموعات المسلحة تسببت في تمزيق النسيج الاجتماعي في ليبيا، وإذكاء نار الفتنة والعنف منذ العام 2014، وساهمت في خلق أجواء حاضنة للإرهاب والجريمة المنظمة، وازدياد نشاط الهجرة غير الشرعية عبر الساحل الليبي، فيما يزداد الفقر والمرض في البلاد.
نبذ الاصطفاف
ومنذ بداية الأزمة، أصدر أهالي مصراتة بيانًا رفضوا فيه المشاركة في أي اصطفاف سياسي يشقّ صف المدينة، ودعوا الحكومة منتهية الولاية إلى "عدم تصدير مشكلاتها للشارع، ومحاولة تحريض الناس ضد بعضها؛ من أجل الاستمرار في السلطة".
وانتقد البيان أمراء المجموعات المسلحة الذين روّجوا لخطاب "القتال والاقتتال" بين أبناء المدينة الواحدة، بدلًا من "رأب الصدع" و"إطفاء نار الفتنة"، محملًا إياهم المسؤولية عن أي أرواح تزهق في هذا الصراع.
وذكر المحلل السياسي الليبي فرج زيدان، إنه ليس من المقبول استمرار ترك تلك المجموعات، كما أنه لا يمكن القبول ببقائهم في اتفاق أو تسوية بدعوى تحقيق حل سياسي.
وأكد زيدان أن ليبيا الحديثة لن تبنى بالمناكفات التي لن تؤدي إلا إلى مزيد من الانقسام والكراهية والفُرقة، وتمزيق المجتمع ونسف أي خطوة للانتقال إلى الدولة المنشودة، داعيًا إلى الاستفادة من التجارب السابقة لدول مرّت بوضع مشابه للواقع الليبي الحالي، وصارت الآن "أمماً ناجحة ومتماسكة".