شهدت المباحثات التي عُقدت في القاهرة، الاثنين، بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ونظيره الجيبوتي إسماعيل عمر جيلة، مناقشة العديد من الملفات الأمنية والاقتصادية، على رأسها قضايا القرن الإفريقي وأمن البحر الأحمر، إضافة لأزمة سد النهضة.
وأكد السيسي حرص مصر على تعزيز العلاقات وترسيخ التعاون الاستراتيجي مع جيبوتي في شتى المجالات؛ لإقامة شراكة مستدامة بين البلدين، بما يعكس مزيداً من التنسيق والتعاون فيما يتعلق بقضايا الأمن الإقليمي والعمل التكاملي لإرساء السلام والاستقرار في المنطقة.
من جانبه، أعرب رئيس جيبوتي عن تطلع بلاده لتطوير العلاقات الثنائية مع مصر على مختلف الأصعدة، خاصة في الوقت الراهن الذي تشهد فيه منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر تحديات متلاحقة.
وأوضح جيلة أن هذا الأمر يفرض تكثيف التعاون والتنسيق مع مصر وقيادتها على خلفية الثقل المحوري الذي تمثله مصر في المنطقة بأسرها على صعيد صون السلم والأمن، مشيدًا بالمواقف المصرية الهادفة إلى تحقيق الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي، والتي انعكست على الدعم المصري الكبير لجيبوتي خلال المرحلة الماضية.
واعتبر دبلوماسيون ومراقبون أن زيارة رئيس جيبوتي للقاهرة تحمل أهمية خاصة من ناحية الأمن القومي المصري، في ضوء حالة عدم الاستقرار الأمني الموجود في المشهد الإقليمي وخاصة بالقرن الإفريقي والبحر الأحمر.
المصلحة المصرية
وقال مساعد وزير الخارجية المصري السابق، حسين هريدي، لـ"سكاي نيوز عربية"، إن زيارة جيلة تجسد الأهمية الاستراتيجية المتزايدة لجيبوتي بالنسبة للأمن القومي المصري والسياسة الخارجية المصرية، في ظل التداعيات الإقليمية والاضطراب الذي تشهده منطقة القرن الإفريقي.
واعتبر هريدي أنه من مصلحة مصر أن تكون لديها علاقات وثيقة للغاية مع جيبوتي بما يسمح للقاهرة بأن تكون في واجهة أفضل لتأمين المدخل الجنوبي لقناة السويس، وإحباط أي تهديدات سواءً كانت من جانب دول أو جماعات إرهابية أو مليشيات مسلحة لمضيق باب المندب.
وشدد على أن زيارة جيلة تأتي لتبادل المعلومات ووجهات النظر مع مصر حول الأوضاع في القرن الإفريقي وما تشهده من عمليات إرهابية، وأمن البحر الأحمر، وكل هذا يصب في المصلحة المصرية.
ولفت إلى أن الزيارة شهدت عددًا من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في الجانب الاقتصادي؛ لتعميق التعاون بين البلدين، خاصة أن لمصر خبرات كبيرة في مسائل التشييد والإعمار والبنى التحتية، وعلى أتم الاستعداد لوضع خبراتها في تلك المجالات المهمة تحت تصرف جيبوتي.
وفي ختام المباحثات بين السيسي وجيلة، شهد الرئيسان مراسم التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم في مجالات التشاور السياسي، والطاقة والموارد المتجددة، وإنشاء المنطقة اللوجستية المصرية في جيبوتي.
وأكد السيسي أهمية تطوير مشروعات التعاون بين الجانبين خلال الفترة المقبلة، مع تذليل كل العقبات لاسيما في قطاعات البنية التحتية والطاقة والصحة والطيران والتعليم والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن زيادة الاستثمارات البينية والارتقاء بمعدلات التبادل التجاري.
سد النهضة
بدوره، أوضح الخبير الاستراتيجي سمير راغب، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن زيارة جيلة تأتي ردًا على زيارة السيسي إلى بلاده في مايو الماضي، إذ كانت الزيارة الأولى لرئيس مصري إلى جيبوتي.
وأضاف راغب أن جيبوتي دولة مهمة في القرن الإفريقي وهي مشتركة مع مصر في تحالف البحر الأحمر وخليج عدن، وبالتالي كان شعار هذه الزيارة الحفاظ على الأمن القومي المصري والإقليمي.
ولفت إلى أن جيبوتي إحدى دول القرن الإفريقي، وتتأثر كثيرًا بما يحدث في إثيوبيا، وبالتالي من المهم التنسيق معها في أزمة سد النهضة، باعتبارها دولة جوار لدول حوض النيل، خاصة أن مصر تتحرك في كل المحاور الخاصة بالأزمة للعمل على تذليلها.
وفي مؤتمر صحفي عقب المباحثات، قال السيسي إنه تطرق في لقائه مع جيلة إلى تطورات ملف سد النهضة، والتأكيد على ما تتحلى به مصر من إرادة سياسية تهدف إلى التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة في إطار زمني مناسب، بما يعزز من الأمن والاستقرار الإقليمي، استنادًا إلى قواعد القانون الدولي ومقررات مجلس الأمن.
وعاد راغب للقول إن "تراكم الزيارات المتبادلة بين مصر وجيبوتي يؤكد التفاهمات حول القضايا الإقليمية وفي مقدمتها الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي الذي يعاني من مشاكل أخرى بخلاف أزمة سد النهضة، خاصة تزايد النشاط الإرهابي، وبالتحديد في الصومال".
ولفت إلى أن الرئيس السيسي دائمًا ما يسعى لتعميق الانتماء الإفريقي بما يخدم المصالح المصرية، ويدرك الأهمية الجيواستراتيجية لجيبوتي.