أعلن الرئيس التونسي، قيس سعيد، مساء السبت، قرار حل مجلس القضاء الأعلى في البلاد، في خطوة وصفها مراقبون بأنها جاءت متأخرة، ولها الكثير من التداعيات المتعلقة بملف المحاكمات والمحاسبات خاصة ما يتعلق بتهم الإرهاب والفساد.
ويرى الخبير القانوني التونسي حازم القصوري أن حل المجلس الأعلى للقضاء، الذي شكّله الإخوان هو في صميم الحركة التصحيحية التي يقودها الشعب التونسي صاحب السيادة الأصلية، منذ الإعلان عنها في 25 يوليو الماضي.
وفي تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أوضح القصوري أن قرار الرئيس جاء ضروريًّا وحاسمًا أمام العجز الكبير في تفكيك كبريات الملفات العالقة أمام الجهات القضائية من اغتيالات وتسفير وتآمر على أمن الدولة، متوقعًا أن تبدأ محاكمات سريعة في الفترة المقبلة دون تدخّل من جانب الإخوان.
وأشار القصوري إلى أن اليوم بإنهاء المجلس يبتر الرئيس يد الإخوان القضائية لتأسيس المرحلة التصحيحية وإعادة الاعتبار للدولة والمؤسسات التي تنحاز إلى الشعب التونسي وهمومه وتقطع مع سياسة التمكين الإخوانية وثقافة الموازي، موضحًا أنه بالتزامن مع ذكرى اغتيال السياسي التونسي شكري بلعيد، التي توافق اليوم 6 فبراير، يكتب الشعب التونسي مرحلة تاريخية في ذكرى شكري بلعيد كي لا يفلت القتلة والمرتزقة من العدالة التصحيحية، وكي تبقى تونس حرة منيعة أبد الدهر.
فتنة تونسية
من جانبه، وصف المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي المجلس الأعلى للقضاء في البلاد بأنه "فتنة تونسية"، بُني على حيلة إخوانية، مشيرًا إلى أن قرار الرئيس قيس سعيد ربما تأخر كثيرًا في اقتلاعها، وكان من المفترض أن يصدر القرار بالتزامن مع الإجراءات التصحيحية التي تمت في يوليو العام الماضي.
وفي تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، يوضح الجليدي أن الإخوان دشنوا هذا المجلس بغرض التحكم في الخريطة القضائية في البلاد، واستغلالها لخدمة مصالحهم، مشيرًا إلى أن الشعب التونسي يطالب في الوقت الراهن بالعدالة الناجزة في عدد من القضايا المطروحة أمام القضاء، وأهمها ملفات الفساد والاغتيالات السياسية، لذلك كان قرار الرئيس استباقيًّا قبل يوم واحد من ذكرى اغتيال شكري بلعيد؛ لتكون الرسالة واضحة بشأن المحاكمات ومحاسبة الفاسدين.
ويصف الجليدي إسقاط المجلس بأنه بداية لإقرار مرحلة الإصلاحات الجذرية في البلاد وتحرير القضاء من قبضة تحكّم جماعة الإخوان، مشيرًا إلى أن كل التحقيقات التي تجرى تتم وفقًا للإجراءات القانونية، متوقعًا أن تشهد الفترة المقبلة إصلاحات جذرية بهذا الملف، وفتح تحقيقات موسعة مع المتورطين في مختلف القضايا على مدار السنوات العشر الماضية.
ويأتي قرار سعيد بحل المجلس بعد انتقاداته اللاذعة على مدى أشهر للقضاة، حين ردد كثيرًا أنه لن يسمح بأن تكون هناك دولة للقضاء بل هناك قضاء الدولة، وانتقد كثيرًا تأخّر القضاء في إصدار الأحكام في قضايا الفساد والإرهاب قائلًا: إن هناك فسادًا، وإنه مصرّ على إصلاح القضاء.
وقال سعيد هذا الشهر: إن القضاء هو وظيفة فقط داخل الدولة وليس سلطة، وألغى أيضًا الشهر الماضي كل الامتيازات المالية لأعضاء المجلس، والمجلس الأعلى للقضاء مؤسسة دستورية تتمتع باستقلال، ومن صلاحياتها حسن سير القضاء وضمان استقلاليته، إضافةً إلى تأديب القضاة ومنحهم الترقيات المهنية.
وعزل قيس سعيد الحكومة وعلّق البرلمان في يوليو الماضي، وقال: إن قراراته استهدفت إنقاذ البلاد.