في الوقت الذي يسابق فيه منقذون الزمن للوصول إلى الطفل المغربي ريان، وبينما ينتظر طاقم طبي خروجه سالما حتى يتم وضعه تحت العناية الطبية، لفت خبراء في الصحة النفسية إلى ضرورة إعداد فريق خاص لمواكبة الطفل وتمكينه من الاندماج مجددا مع محيطه.
وقال الخبير النفسي عثمان زيمو، إن ريان "يعاني منذ 5 أيام من ضغوطات كبيرة في قعر البئر؛ مما قد يترتب عنه اضطرابات نفسية آنية وأخرى قد تظهر بعد خروجه".
أعراض نفسية "معقدة"
وتابع زيمو في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، من بين الأعراض النفسية التي قد تظهر على الطفل، "خوفه من الخروج مجددا، وعدم تحمله للظلام أو إطفاء مصابيح المنزل، وقد يعاني أيضا من رهاب الأماكن المغلقة (Claustrophobia)، وهذا أمر طبيعي لأنه ظل محبوسا في مكان مغلق ومظلم لعدة أيام".
الخبير أكد أيضا أن الطفل ريان "قد يعاني أيضا من انشطار في شخصيته، أي أنه تحت تأثير الوحدة التي يشعر بها، فإنه قد يصنع في مخيلته شخصية أخرى للتحدث معها، وهي مناورة سيكولوجية يلجأ إليها الشخص الوحيد، بطريقة لاواعية، للخروج من عزلته عن طريق خلق مؤنس غير حقيقي".
وفي هذا السياق، أورد الخبير مثال شخصية "ويلسون" التي صنعها الممثل توم هانكس، من كرة ملطخة بالدم في فيلم "وحيد في العالم" "Cast Away"، وهي الطريقة الوحيدة التي وجدها الرجل في جزيرة بعيدة للترفيه عن نفسه والهروب من عزلته.
واسترسل زيمو قائلا: "أظن أن ما يسمى بالانشطار في علم النفس هو مستبعد حاليا، لكنه قد يظهر لاحقا بعد خروج الطفل وعودته إلى حياته الطبيعية وبلوغه سن المراهقة، مما قد يتحول إلى شيزوفرينيا إذا لم تتم مواكبته وعلاجه بالشكل المطلوب".
ضرورة المواكبة النفسية
وشدد المحلل النفسي على أنه "من الواجب إحاطة ريان بعد خروجه بعناية خاصة، وإيلاء اهتمام نفسي مدروس له، حتى يتمكن من إعادة ترتيب شخصيته وتضميد جراحه النفسية".
كما شدد على وجوب حضور والدته خلال جلسات العلاج حتى تستفيد هي الأخرى من المواكبة، لأنها بعد هذه التجربة العسيرة قد تصبح أمّا "سامة"، أو ما يعرف بـ (Toxic Mother)، وهي أم تخشى على ابنها من السوء بطريقة مهووسة تجعلها لصيقة به، مما سيقيد حريته ويجعله أسيرا لأمه بمعنى سيكولوجي، ومن هنا ضرورة تخصيص دعم خاص للطفل وأمه.
وفي الختام، شدد الخبير النفسي على أن ريان الذي لم يتجاوز بعد 5 سنوات، "إذا حظي بدعم متوازن، فإنه سيتجاوز لا محالة الصدمات النفسية التي تعرض لها، وسيتخلص من القلق والفوبيات التي قد يصاب بها".
وحذر الخبير مما قد يتعرض له الطفل بعد الخروج من مضايقات من قبل وسائل الإعلام والجيران والزوار، مشيرا إلى أنه أمر قد يؤثر عليه سلبا.
وأضاف: "يكفي أنه كان في قعر الجب لأيام، وأنه تحت صدمة السقوط والبقاء وحيدا في القعر ليالٍ طوال، فلا يجب أن تتم مضايقته، لأنه قد يتعرض لصدمة أخرى وهي الاصطدام بآلاف الأعين التي تراقبه عن قرب وتلتهم خصوصيته".
وكان ريان، قد سقط في بئر جاف، غير مغطى وغير مسيج، في ملكية عائلته بضواحي مدينة شفشاون، عصر الثلاثاء الماضي.
وبعد إشعار السلطات، تم تشكيل لجنة تتبع وإنقاذ، التي وضعت عدة سيناريوهات لإنقاذ الطفل، وإيصال الأوكسجين والماء إليه.
وبعد فشل محاولات إنقاذه من فتحة البئر، اعتمدت السلطات خطة القيام بحفرة موازية بعمق 32 مترا، وإحداث فجوة نحو البئر لإخراج الطفل، الذي لا يزال حيا حسب آخر المعطيات.