"سبها تحت السيطرة"، وضع أمني مختلف وتوافر للوقود، هكذا المشهد الحالي في الجنوب الليبي بعد ما يقرب من أسبوعين على انطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق في جنوب البلاد لفرض الأمن.
ولاقت العملية العسكرية دعماً شعبياً من القبائل والأعيان في الجنوب؛ للتخلص من مظاهر الفوضى والانفلات الأمني والعديد من الأزمات التي تضرب قلب الجنوب الغني بالثروات.
حالة من الاطمئنان سادت سبها، بحسب ما رصدته "سكاي نيوز عربية" من داخل المدينة التي تحدث سكانها عن الوضع الحالي في الجنوب الذي يعدّ مثلثاً حدودياً مع تشاد والسودان، وتحوّل في السنوات العشر الأخيرة إلى ممر مهم لتهريب الأسلحة وتجارة البشر، كما أنه بات أحد أهم منافذ توريد الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
الأمن
"نشكر قوات الجيش على تحركهم نحو الجنوب"، هكذا أكد المواطن في مدينة سبها سالم الزايدي، الذي أكد أن الوضع الأمني الحالي يختلف عن الأسابيع السابقة بشكل كبير.
وأوضح الزايدي، في تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، أن المدينة عانت من الفوضى الأمنية وتحكم تجار المخدرات والهجرة غير الشرعية والمليشيات بها، وهو ما أدى لزيادة معاناة المواطن الذي شعر كأنه يعيش في غابة.
وطالب الزايدي بضرورة الاهتمام بالجنوب الذي يعدّ مرتعاً لجماعات متطرفة وتجار بشر ومهربين يتحكمون في المدينة بالكامل ومداخلها، وتابع: "كنا لا نستطيع الخروج بهد الساعة العاشرة مساءً؛ خوفاً على أرواحنا".
وأشار الزايدي إلى ضرورة حماية الجنوب الذي يعد بوابة للبلاد بالكامل للإرهاب والمخدرات؛ فمنذ أيام تحولت منطقة القطرون جنوب ليبيا، إلى ساحة لمعركة حقيقية، نجح خلالها الجيش في القضاء على خلية شديدة الخطورة لتنظيم "داعش" الإرهابي.
وأسفرت المواجهات عن مقتل 24 عنصراً في تلك الخلية، بينهم أربعة فجّروا أنفسهم قبل القبض عليهم، في حين توفى أربعة من رجال الجيش.
الوقود
عاش الجنوب الليبي أزمة وقود خانقة؛ نتيجة سيطرة المليشيات على عدد من الطرق الرابطة بالجنوب وباقي البلاد، وتهديد شاحنات الوقود وسرقتها في أغلب الأحيان وتهريبها للخارج.
أزمة خانقة زادت من سوء الوضع في الجنوب الذي بدأ في التغير بشكل كامل خلال الأيام الماضية، وهنا يقول المواطن عبدالسلام صالح: إن أزمة البنزين شهدت انفراجة بنسبة أكثر من 80٪.
وأكد عبدالسلام، في تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، أن حركة محطات البنزين منتظمة على مدار اليوم بالكامل، ولا يوجد طوابير ولا لافتات "لا توجد"، كما كانت في معظم أرجاء الجنوب وبالأخص سبها.
وتقدر المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا خسائر الاقتصاد الليبي جراء التهريب المنظم للوقود بأكثر من 750 مليون دولار سنوياً؛ كما عجزت أجهزة الدولة عن توفيره ونقله إلى الجنوب، مما يعرض المواطنين للابتزاز من السوق السوداء.
الوضع الحالي
"كانت تعاني من مشاكل عديدة"، المحلل العسكري محمد الترهوني، قدّم من الجنوب الليبي شرحًا تفصيله للأوضاع الأمنية التي أصبحت تحت السيطرة الكاملة بنسبة كبيرة.
وأكد الترهوني، في حديث لـ"سكاي نيوز عربية"، أن الجنوب وبالأخص سبها كان يعاني من مشاكل قاتلة كالهجرة غير الشرعية وتجار المخدرات بخلاف أزمة الوقود.
وأوضح أن قوات الجيش الليبي نجحت في فرض الأمن وعمل انفراجة واسعة في الوقود، والقضاء على أكثر من 90٪ من أوكار الهجرة غير الشرعية وتجار المخدرات، مؤكدًا أن القوات المسلحة الليبية تتحرك في نطاق واسع، ابتداءً من مدينة سبها، حيث نجحت جهودها هناك مؤخراً في القضاء على بؤر الهجرة غير الشرعية، التي تعد "مورداً" رئيساً للمقاتلين في التنظيم الإرهابي.
وتابع المحلل العسكري: "إنه تمت السيطرة على مداخل ومخارج مدينة سبها بالكامل، بخلاف نشر قوات متحركة لفرض الأمن ونشر نقاط ارتكاز أمني، سبها يمكن لسكانها الآن التجول في أي ساعة من ساعات اليوم".
وأوضح الترهوني أن الأحداث الأخيرة والأزمات التي شهدتها سبها أسهم فيها الضعف الحكومي في الجنوب، الذي وصل إلى حد التنسيق مع عصابات ومليشيات، كما حدث من مدير أمن المدينة أثناء اشتباكات المليشيات مع قوات الجيش.