أعاد الهجوم الكبير الذي نفذه تنظيم داعش الإرهابي على السجن المحتجز به آلاف من عناصره في الحسكة شمال شرقي سوريا، فتح ملف الدواعش الأجانب، بعدما تبين أنهم القوة الأولى وراء الهجوم.
وما زالت تدور اشتباكات ومطاردات بين قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، المسؤولة عن تأمين السجن المعروف بسجن الثانوية الصناعية في غويران بالحسكة، وعناصر من داعش منذ يومين، بعد أن نفذ التنظيم هجومًا على السجن بسيارتين مفخختين، وفرَّ العشرات من مقاتليه المحتجزين فيه، وألقت "قسد" القبض على الكثير منهم.
وهذا الهجوم هو الأكبر منذ الإعلان عن هزيمة داعش مارس 2019، حيث يضم السجن 12 ألف مسلح أغلبهم من الأجانب، ينتمون إلى 54 جنسية، ويعدون الأشد خطورة في التنظيم؛ ما يزيد المخاوف من بقائهم نتيجة رفض البلاد التابعة لها جنسياتهم تسلمهم.
نداءات بلا استجابة
وبحسب الكاتب الصحفي، شيار خليل، مدير تحرير جريدة "ليفانت" اللندنية، فإن هجوم الحسكة يجدد الدعوات لفتح ملف المقاتلين الأجانب الذين انضموا لداعش منذ 2014.
ويذكّر بأن السنوات الماضية شهدت مخاطبات لتلك الدول لاستعادة المقاتلين، غير أنه لم توجد استجابة مناسبة، رغم أن أغلب الإرهابيين في سجون سوريا ليسوا سوريين.
والعام المنصرم، طالبت مفوضية المجلس الأوروبي لحقوق الإنسان، دينا مياتوفيتش، دول الاتحاد الأوروبي باستقبال مواطنيها، وكذلك دعت وزارة الخارجية الأميركية الدول الأوروبية إلى استعادتهم، مع ضمان إعادة تأهيلهم، أو محاكمتهم إذا ثبت ارتكابهم جرائم إرهابية.
ويقول خليل إن أوروبا "تدَّعي دائما التعامل بشكل ملائم مع الهجمات الإرهابية ولكنها تتناسى أن السبب الرئيسي وراء الإرهاب هو إبقاء عناصر داعش بمعاقل التنظيم السابقة"، مشيرًا إلى أن النواة الأساسية في هجوم الحسكة هي المقاتلون الأجانب.
تكرار الهجوم
لم يكن هجوم الحسكة الأول الذي يدبره داعش لاقتحام السجون، ففي ديسمبر المنصرم، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" إحباط أحد المخططات، واعتقلت محمد عبد العواد المعروف برشيد، الذي كان مكلفًا من التنظيم باقتحام سجن غويران بعد كسر البوابات.
وقبلها أحبطت مخططًا في نوفمبر بالقبض على 14 انتحاريًا كانوا تحت قيادة عبد العواد، وضبطت متفجرات وأسلحة تقدر بنحو 165 كلاشينكوف وذخيرة وقنابل مخصصة لنشرها على المساجين بعد اقتحام السجن، لإحداث فوضى بالمدينة.
ويعد سجن غويران ضمن 7 سجون منتشرة بشمال شرقي سوريا، تخضع لحراسة مشددة من إدارة "قسد" ومراقبة من قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
وانضم لداعش أكثر من 40 ألف مقاتل، بينهم 5 آلاف من أوروبا، قتل 10% منهم في ساحات القتال، وعاد منهم نحو 30%، فضلًا عن بقاء 1000 أوروبي من عائلات داعش داخل سجون ومخيمات سوريا والعراق.
وتعد عودة المقاتلين معضلة أمام دول أوروبا؛ تخوفًا من صعوبة إخضاعهم للمحاكمة، لنقص الأدلة التي تثبت تورطهم في جرائم إرهابية، فضلًا عن عدم توافر الإمكانيات الكافية لمحاكمتهم بسوريا والعراق.
وتصر فرنسا وألمانيا وبريطانيا وبلجيكا على دراسة عودة مواطنيها من مقاتلين داعش بشكل منفصل لاتخاذ القرار المناسب لكل حالة.
ويرى خليل أن المسؤولية في ملف المقاتلين الأجانب تقع على عاتق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بتأسيس مراكز تأهيل لهؤلاء الدواعش في أماكن احتجازهم، وتقديم الدعم للقوى المحلية بسوريا والعراق سياسيًا وعسكريًا، من أجل إزالة خطر داعش بالمنطقة.