لا يزال الخلاف يراوح مكانه بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين، حول منصب رئاسة جمهورية العراق، وسط تقديم كلا الحزبين مرشحين للمنصب السيادي العراقي الأول.
ففضلا عن ترشح كل من برهم صالح الرئيس العراقي الحالي، وهوشيار زيباري وزير كلا من الخارجية والمالية السابقين، كمرشحين أولين لحزبيهما، تبرز أسماء مرشحين آخرين مثل لطيف رشيد عن الاتحاد الوطني وقاضي محكمة صدام حسين، رزكار أمين، الذي يرى مراقبون أنه أقرب للديمقراطي الكردستاني.
ويبرز اسم رشيد، الذي هو فضلا عن كونه وزير الموارد المائية العراقي سابقا، هو كذلك عديل الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني، كمرشح الحل الوسط والتوافقي، بين الديمقراطي والاتحاد الوطني.
ويرفض المرشح لرئاسة الجمهورية العراقية، لطيف رشيد، في حوار مع "سكاي نيوز عربية"، الدخول في حرب التصريحات والتجاذبات، كما يقول، مفضلا التركيز على طرح برنامجه ورؤيته للنهوض بالعراق وتعزيز الشراكة بين مكوناته، متابعا: "بلدنا غني بثرواته وموارده وعمقه الحضاري العريق، ويملك مخزونا هائلا من الخبرات والعقول والكفاءات، ورغم ذلك، ومنذ تأسیس الدولة العراقیة قبل قرن من الزمان، وهي لم تنعم بالاستقرار والراحة والتنمية سوى لفترة وجيزة، وتعاني من المشكلات والأزمات المتناسلة المزمنة، مما أدى لتراكم التخلف والفقر والفساد، ووقوع البلاد فریسة الأطماع الخارجية".
ويمضي المرشح الرئاسي العراقي، قائلا: "هذه المشكلات ناجمة في جلها عن عدم بلورة حلول جذرية لها، مرتكزة على مبدأ وضع الشخص المناسب في الموقع المناسب، في مناخ من التعايش والتكامل الخالي من التمييز والجور، وفي ظل سیادة الدولة، والاعتداد بالهویة الوطنية العراقية، فمساحة المشترکات الجامعة بيننا كعراقيين ولا شك أكبر وأوسع بكثیر من مساحة الاختلافات والتباينات، ولهذا علينا الإقرار بواقع العراقکما هو، ومن ثم طرح الحلول والمعالجات لمشكلاته، عبر حوار وطني عريض دون إقصاء أو تمییز وتهميش".
وللتعليق على مآلات الخلاف المحتدم حول منصب رئاسة الجمهورية، يقول، إحسان الشمري، مدير مركز التفكير السياسي، في العاصمة العراقية بغداد، في حديث مع "سكاي نيوز عربية": "يبدو الأكراد في بغداد الآن أكثر انقساما بشكل واضح من أي وقت مضى، وهو قد يكون متوازيا مع الانقسام الحاصل في المكون الشيعي بين الصدريين والإطاريين ومشابها له، خصوصا وأن الاتحاد الوطني الكردستاني يعتبر منصب رئيس الجمهورية العراقية كجزء من رمزية زعيمه الراحل جلال الطالباني، ومرتبط بشكل وثيق بثقل الاتحاد الوطني السياسي في البلاد".
ويضيف الشمري: "ولهذا سيحتدم الصراع بين الحزبين أكثر، إذا ما حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على منصب رئيس الجمهورية، وسيكون الخاسر الأكبر جراء ذلك إقليم كردستان العراق، وعلى وجه الخصوص الديمقراطي الكردستاني، حيث التلويح بالعودة لنظام الإدارتين والحكومتين في الإقليم واحتمالات عودة تفجر الصراع الداخلي، وإعادة ترتيب المناصب في إقليم كردستان العراق، هي كلها مسائل خطيرة وتحمل صواعق تفجير، ويجب أن يتم وضعها في الحسبان، ولذلك قد تكون هناك في النهاية، تسوية بين الطرفين والاتفاق على مرشح واحد، وهذا سيصب بالطبع في صالح إقليم كردستان العراق ككل".
وعليه يرى الأستاذ في جامعة بغداد، أن: "إعادة انتخاب برهم صالح لدورة رئاسية ثانية، ربما يكون مرتبطا بتنازلات يقدمها الاتحاد الوطني إلى الديمقراطي الكردستاني، وبالمحصلة على الجميع إجادة فن التنازل والتفاهم، وبخلاف ذلك فإن نزول الحزبين بمرشحين متضادين، سينعكس سلبا على الأكراد ككل في العراق، ولا سيما على الديمقراطي الكردستاني، الذي رغم كونه يملك الكتلة البرلمانية الأكبر كرديا في بغداد، لكنه سيتضرر على المدى المتوسط في حال إصراره على الاستحواذ على رئاسة العراق على حساب الاتحاد الوطني".
ويفيد العرف السائد في العراق بعد عام 2003 بأن منصب رئيس العراق يذهب إلى الأكراد، ورئاسة الوزراء إلى الشيعة، ورئاسة البرلمان إلى السنة.
وعلى مدى الدورات الانتخابية الأربعة الماضية، والأكراد يشغلون منصب رئاسة العراق منذ العام 2006، حيث أن رؤساء الجمهورية الثلاث، الذين تعاقبوا على المنصب هم من الاتحاد الوطني الكردستاني، عبر شغل السكرتير العام للحزب جلال الطالباني، المنصب لدورتين متتاليتين، كأول رئيس منتخب وكردي في تاريخ العراق.
وخلف الطالباني في منصب الرئاسة القيادي في حزبه فؤاد معصوم في العام 2014، والذي خلفه في العام 2018 الرئيس العراقي الحالي برهم صالح، بعد منافسة محمومة مع منافسه، مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني فؤاد حسين، الذي يشغل الآن منصب وزير الخارجية العراقي.