ينظر البرلمان الليبي في جلسته المقررة الاثنين، العديد من الملفات وأبرزها مصير حكومة تسيير الأعمال، والاستماع للجنة خارطة الطريق، هذا إلى جانب البحث في آخر المستجدات الخاصة بالمفوضية العليا للانتخابات حول أسباب التأجيل.
وتكمن أهمية الجلسة بالتوجه البرلماني العام نحو إقالة حكومة عبد الحميد الدبيبة، وترشيح عدد من الأسماء لخلافته خلال المرحلة الحالية، ما يطرح سؤالا مهما حول إمكانية استجابة الحكومة لقرار البرلمان حال إقالتها، وهل سيساهم القرار في حل الأزمة؟.
واعتبر رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام الليبي السابق، عبد المنعم اليسير، الوضع الحالي بأنه أشبه بـ"لعبة الكراسي الموسيقية"، لافتا إلى أن الهدف منها المساومات ليس أكثر، دون مراعاة مصلحة البلاد والمواطن.
وأوضح اليسير في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن ما يحدث الآن في البرلمان "لا يهدف إلى التغيير الحقيقي، فالفترة الماضية وما يحدث على الأرض من اتفاقات بين عدد من النواب وما يسمى بالمجلس الأعلى للدولة الذي يسيطر عليه تنظيم الإخوان، يثبت أن هناك صفقات من أجل استمرار الجميع في منصبه والاستفادة من الوضع الحالي".
وأضاف أن "حالة الضبابية واللادولة السائدة الآن لن تنتهي بدون إرادة دولية حقيقية لإنهاء الأزمة الليبية"، مشيرا إلى أن "المجتمع الدولي مطالب ببناء مؤسسات الدولة وفرض الأمن والاستقرار في ليبيا، لأنه هو من مكّن الكيانات الحالية بقوة السلاح والميليشيات كتنظيم الإخوان للسيطرة على مقدرات البلاد".
ويتفق الخبير السياسي الليبي رضوان الفيتوري مع اليسير، حيث يرى أن الوضع الراهن، من السلاح المنفلت، والاستقواء بالميليشيات، لن يصل بالليبيين إلى صندوق انتخابي، بل إلا حرب واقتتال مرة أخرى.
وحول سبل تنفيذ أي قرار حيال حكومة تسيير الأعمال الحالية، قال الفيتوري، إن "معظم قرارات البرلمان لم يتم تنفيذها، ويُضرب بها عرض الحائط"، مشيرا إلى قرار سحب الثقة العام الماضي من حكومة الدبيبة التي لم تنفذ القرار.
وبيّن السياسي الليبي أن رد فعل الحكومة حيال القرار السابق، هو التشبث بالسلطة أكثر، وإعلان الدبيبة ترشحه للانتخابات الرئاسية، وتراجعه عن وعوده التي أتى بها في اتفاق جنيف.
وتابع الفيتوري في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، قائلا: "لا ضامن لتنفيذ أي قرار صادر للبرلمان أو الهيئات القضائية إلا بوجود مؤسسة عسكرية موحدة تجبر الجميع على احترام المسار الديمقراطي".
ولفت السياسي الليبي إلى أنه في حالة إقالة الحكومة لن تستطيع الحكومة الجديدة دخول العاصمة طرابلس التي تعد أسيرة للميليشيات والحسابات الشخصية.
وشهدت العاصمة الليبية يوم الأحد حالة فوضى، نتيجة اندلاع اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة قرب ميناء طرابلس وميدان الشهداء "الساحة الخضراء سابقا" بين ميليشيات، قالت وزارة الداخلية إنها "خارج السيطرة".
حكومة تكنوقراط
وحول الاتجاه البرلماني نحو إقالة الحكومة وتشكيل حكومة تكنوقراط، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة سرت عبد العزيز عقيلة، إن البرلمان بالتركيبة الحالية للمشهد السياسي لا يستطيع إقالة الحكومة أو تغييرها.
وأشار عقيلة إلى أن الحكومة الحالية "نتاج اتفاق جنيف الذي كان البرلمان جزء من أطرافه، واتفقت حول الدبيبة لرئاسة الحكومة"، مضيفا أنه "من هذه النقطة تبني الحكومة دفاعاتها، بالقول إنها حكومة نتاج اتفاق دولي، ولن تسلم السلطة إلا إلى حكومة منتخبة وشرعية".
وتوقع أستاذ العلوم السياسية، عدم نجاح أي محاولة تجاه الحكومة، نظرا لتشعب الوضع الحالي بمجلس الدولة الذي كان جزء من اتفاق جنيف، بخلاف رفض البعثة الأممية لفكرة تغيير الحكومة.
وأكد أن الوضع الحالي وما يحدث هو نتيجة الانحراف عن خارطة الطريق التي كانت تعد المخرج الوحيد للبلاد من حالة الفوضى والتأزم، ومحاولة كل طرف التشبث بالسلطة لأطول وقت ممكن.
السيناريو الأقرب
وعن توقعات المراقبين للخطوة المقبلة حال قرار البرلمان إقالة الحكومة، قال الفيتوري، إن "الحكومة ورئيسها لن يسلما السلطة على الإطلاق، فالمعادلة الحالية هي تلاقي المال الفاسد مع المصالح"، محملا تنظيم الإخوان وداعميهم في الخارج مسؤولية تأزيم الموقف والانسداد السياسي الحالي.
أما اليسير، فاعتبر أن المخرج الوحيد لحلحلة الأزمة الحالية هي "تقديم المجتمع الدولي الدعم الكامل لتنفيذ بنود 5+5، فبخروج المرتزقة ونزع سلاح الميليشيات وتوحيد المؤسسة العسكرية تنجح البلاد في بناء المؤسسات الشرعية الحقيقية، بعيدا عن سيطرة الميليشيات والجماعات المتطرفة".
ويعقد مجلس النواب الاثنين جلسة وصفت بأنها ستكون حاسمة في تحديد معالم خريطة طريق، فيما يخص استمرار الحكومة أو تغييرها، أو تشكيل مجلس رئاسي جديد، أو إقامة انتخابات، أو بدائل أخرى.